قضايا الطفولة

أوصى المشاركون في ورشة العمل التي أقامتها وزارة العدل حول زواج القاصرات بفرض قيود صارمة على زواج الفتيات دون السن القانونية والتصدي لهذه الظاهرة.

ودعا المشاركون إلى توحيد سن الزواج بالنسبة للشاب والفتاة وإنشاء مكاتب ومراكز لتأهيل الراغبين بالزواج وخاصة لمن هم دون السن التي حددها قانون الأحوال الشخصية ونشر التوصيات على الموقع الالكتروني لوزارة العدل لاستطلاع رأي ذوي الخبرة ليصار إلى اعتمادها خلال فترة قريبة.

 

وبين وزير العدل الدكتور نجم الأحمد أن أحد آثار الأزمة التي تمر بها سورية "انتشار ظاهرة زواج القاصرات" ولاسيما في المخيمات التي أقيمت للمهجرين السوريين في الدول المجاورة عبر استغلال أوضاعهم الإنسانية وتزويج القاصرات بشروط مجحفة لافتا إلى ضرورة التصدي لهذه الظاهرة كونها تؤدي لنتائج خطيرة وخاصة في حقوق الزوجة والأولاد وإثبات النسب.

ورأى وزير العدل أن الأرقام التي قدمتها المحكمة الشرعية بدمشق حول زواج القاصرات خلال العام الماضي والتي تتحدث عن نسبة 10 بالمئة من مجموع حالات الزواج تشكل "مؤشرا خطيرا" وتطرح تساؤلات حول نسبة هذه الظاهرة في باقي المناطق البعيدة عن العاصمة لافتا إلى "وجود مغالطة تتمثل في منع القاصرة من التصرف بممتلكاتها والسماح لها في الوقت نفسه بالزواج".

وأشار الوزير الأحمد إلى أن رجال الدين الإسلامي والمسيحي في سورية كانوا سباقين في التطرق إلى ظاهرة زواج القصر والتشديد فيها ما يستدعي أن تواكب التشريعات القانونية الاجتهاد الديني معتبرا أن الدين لم يحدد سنا للزواج وترك الموضوع حسب حالة كل مجتمع "وأن زواج القصر لا يرتبط بنص تشريعي بل هو نتاج لعادات وأعراف بالية".

ولفت الوزير الأحمد إلى أن التعامل مع ظاهرة زواج القاصرات يبدأ بإصدار قانون ناظم تمهيدا للحد من هذه الظاهرة تدريجيا علما أن الوزارة شكلت لجنة لتحديد النصوص التي تتضمن تمييزاً ضد المرأة وتقديم التوصيات اللازمة بشأنها إضافة إلى إعداد ملفات بالانتهاكات وحالات التحرش والاغتصاب التي تعرضت لها نساء سوريات في مخيمات اللاجئين بتركيا ورفع دعاوى أمام المحاكم المختصة.

من جانبه بين سماحة الدكتور أحمد بدر الدين حسون المفتي العام للجمهورية أن أحكام الزواج اجتهادية تختلف من بلد لآخر حسب طبيعة البشر في كل مجتمع وسن البلوغ داعيا إلى التمييز بين عقد النكاح الذي قد يكتب قبل بلوغ الطرفين وبين عقد الدخول الذي يحتاج إلى موافقتهما.

وأكد سماحة المفتي رفض الدين للزواج القهري الذي يؤذي الإنسان ويعتدي على حريته وضرورة تحديد ضوابط صحية ونفسية وشرعية أمام المقبلين على الزواج دون وضع عوائق في طريقهم مطالبا بتشديد العقوبة على من يكتب عقد الزواج لفتيات قاصرات خارج المحكمة الشرعية والتوعية بالآثار السلبية لزواج القصر بالتعاون مع وزارات التربية والتعليم العالي والإعلام والأوقاف والثقافة.

وأشار المطران لوقا الخوري المعاون البطريركي لبطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس إلى أن الطوائف المسيحية في سورية حددت سن الزواج بـ 18 سنة للفتاة و21 للشاب واتخذت تدابير رادعة بحق أي كاهن يقوم بإجراء سر الزواج لمن هم دون هذه السن داعيا إلى "وضع قانون يحدد زواج القصر يشمل جميع السوريين".

وعرض القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي الكيفية التي تعامل بها قانون الأحوال الشخصية مع زواج القصر عبر اشتراط العقل والبلوغ لتحقيق الزواج ونص على اكتمال أهلية الزواج للفتى بـ 18 سنة وللفتاة بـ 17 سنة ومنح القاضي حق إجازة عقد النكاح لمن هم دون هذه السن بوجود ثلاثة شروط تتمثل في موافقة الولي والتحقق من البلوغ وتحمل الجسم لافتا إلى أن التطبيق الجيد لهذه النصوص القانونية ينهي المشكلة الناجمة عن زواج القصر من جذورها .

وأوضحت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة الدكتورة انصاف حمد أن أغلب وفيات الأمهات كانت ممن تزوجن دون سن العشرين وأن علم النفس يؤكد عدم وجود علاقة بين اكتمال شخصية الإنسان واكتمال نموه الجسدي مشيرة إلى أن أغلب زيجات القاصرات تمت رغما عن الفتاة وبهدف تحقيق مصلحة لأسرتها على حسابها.

ورأى مسؤول ملف الأسرة والطفل في وزارة الأوقاف الدكتور محمد خير الشعال أن الظروف الطارئة التي تمر بها البلاد "ليست سببا موجبا لتغيير أحكام قانون الأحوال الشخصية" داعيا إلى معالجة هذه الظاهرة بتعيين مأذونين شرعيين في المناطق البعيدة للتخفيف من ظاهرة انتشار زواج القاصرات من حالات الزواج خارج المحكمة الشرعية والتي تشكل ما نسبته 60 بالمئة من هذه الحالات.

وذكر رئيس قسم الأحوال الشخصية في كلية الشريعة الدكتور محمد حسان عوض أن الأصل في زواج الفتاة مصلحتها لا سنها لأن تعديل سن الزواج سيدفع الأهالي الى عدم تسجيل زيجات بناتهم في المحاكم الشرعية ما يؤدي إلى إلغاء دور القاضي في التأكد من أهلية الفتاة والشاب على الزواج مبينا أن "أحكام الزواج رغم كونها اجتهادية صيغت ضمن ثوابت ليس للزمن دور في تغييرها".

وبينت عضو إدارة الهيئة السورية لشؤون الأسرة هديل الأسمر أن حالات زيجات القاصرات في مخيمات اللجوء خارج سورية تتم دون توثيق لأن هذه الدول تمنع زواج القاصرات مشيرة إلى أن المظهر الخارجي للفتاة لا يكفي للحكم على أهليتها للزواج.

شارك في الورشة ممثلون عن وزارات الأوقاف والثقافة والهيئة السورية لشؤون الأسرة.


العنوان الأصلي:
ورشة زواج القاصرات توصي بفرض قيود صارمة على زواج الفتيات دون السن القانونية وتوحيد سن الزواج للفتاة والشاب

عن "سانا"، 2014/1/26
0
0
0
s2smodern