قضايا المعوقين

النظرة المسبقة: إن أكبر مشكلة يواجهها الأطفال ذوي الإعاقة في المؤسسات  التعليمية هي ليست من أقرانهم، بل هي أولاً: من النظام التعليمي، بدءا بعدد الطلاب الكبير في الصف الواحد مرورا بالمنهاج الذي لا يراعي الفروق الفردية بين الأطفال، وانتهاء بالكادر التعليمي وعلى رأسه الإدارة، والذي غالبا ما يفتقر إلى الإيمان الحقيقي بفكر الدمج، نظريا وعملياً.

ثانيا: أهالي الأطفال غير المعوقين، إذا يعتقد معظم الأهالي أن وجود طفل ذي إعاقة مع أطفالهم، يؤدي إلى نقص تحصيلهم العلمي، وأيضا يؤدي إلى تقليد أطفالهم لأقرانهم ذوي الإعاقة، وهو أمر مغلوط، لأن الأطفال يتمتعون بمستوى عال من الحرية، وبالتالي غياب النظرة الاجتماعية المسبقة لديهم، الأمر الذي يساعدهم على تقبل أقرانهم المعوقين بسهولة، خاصة إذا كانت بيئة العملية التعليمة تتسم بالمرونة في تطبيق نظريات التعلم الحديثة.

 و نستطيع القول إن لوجود طفل ذي إعاقة في المؤسسات التعليمية العامة والخاصة، العديد من المميزات:
- إن تكرار المعلومة وتبسيطها للطفل ذي الإعاقة يثبتها بشكل أفضل عند الطفل غير المعوق.
- وجود طفل معوق بين أقرانه، يخلق روح التشاركية والتعاون عند الأطفال.
- غالبا ما يقوم الأطفال غير المعوقين، بمساعدة أقرانهم ذوي الإعاقة على التعلم، مما يرسخ المعلومة لديهم بشكل أفضل  وينمي عندهم الإحساس بالمسؤولية.
- إن تبسيط المنهاج وتطبيق أدلة الدمج، واستخدام غرف المصادر يسهل كثيرا عملية التعلم لدى جميع الأطفال.
- يؤدي إلى كسر الروتين في العملية التعليمية، إذ يحتاج الطفل المعوق إلى طرق تعلم غير تقليدية، وتغير في شكل المكان، مما يؤدي إلى خلق بيئة أكثر مرونة وتفاعلية في العملية التعليمية.
- ينمي عند الأطفال ثقافة عدم التمييز، واحترام الآخر.
- يساعد الأطفال على اكتشاف الاختلاف وفهم الإعاقة.

غالبا ما يعاني الجهاز التدريسي من صعوبات كبيرة أثناء تطبيق الدمج، وهذه بعض الصعوبات التي تم استقاءها من الكادر التعليمي في الميدان:
-  عدم توفر غرف المصادر.
- غياب أصحاب القرار، والإدارات المؤمنة بالفكر الدمجي.
- عدم توفر تشخيص واضح عن حالة الطفل ذو الإعاقة.
- رفض أهالي الأطفال غير المعوقين، وجود أطفال ذوي إعاقة في صفوف أبنائهم.
- عدم توفر بيئة تعليمية مرنة تساعد على تطبيق الدمج، كتغير شكل الصف، وطريقة وضع المقاعد، وجلوس الطلاب بطريقة المجموعات.
- بعض الأطفال ذوي الإعاقة المتوسطة يحتاجون إلى توفر أخصائي/ة نطق وميسر/ة  أثناء العملية التعليمية، الأمر الذي لا توفره معظم المدارس الدامجة.
- عدم مراعاة المناهج للفروق الفردية بين الأطفال، حيث يحتاج الأطفال ذوي الإعاقة المتوسطة إلى تطبيق خطط دمج فردية، بحيث يتقدم الطفل ذو الإعاقة إلى امتحان مختلف عن امتحان أقرانه، يتناسب مع إمكانياته.

 يعاني المعوقين حول العالم من العزل، والتمييز والعنف، لذلك لابد من نشر ثقافة الدمج ليس فقط لما له أهمية في تحسين أوضاع المعوقين، وإعطائهم فرص التعليم والصحة والترفيه، بالتساوي مع أقرانهم غير المعوقين، وإنما في تحسين الخدمات الاجتماعية للجميع، وتحسين الوضع الاقتصادي لمئات آلاف  الأسر حول  العالم، أي تحويل المعوقين إلى قوة منتجة لها دورها في النهوض الاجتماعي والاقتصادي للمجتمعات البشرية، خاصة أن نسبة الإعاقات هي 10% من سكان العالم حسب تقارير منظمة الصحة العالمية .
على صعيد الحضارة الإنسانية، إن نشر ثقافة الدمج ضرورية لمعرفة الآخر، واحترام الاختلاف والفروق الفردية بين البشر،  كما يساهم الدمج في نشر ثقافة اللاعنف، التربة الخصبة لإبداع الشعوب ورقيها.


ردينة حيدر، (الآثار الإيجابية لوجود أطفال ذوي إعاقة خفيفة ومتوسطة في المؤسسات التعليمية)

خاص: مرصد نساء سورية

0
0
0
s2smodern