قضايا المعوقين

انطلاقاً من المفاهيم المغلوطة التي نتداولها في مجتمعاتنا عن الطفل. أردت تسليط الضوء على بعضها وعن الكيفية التي ممكن ان نصحح بها هذه المفاهيم. وأحد هذه المفاهيم المتداولى بيننا: إنه عندما يولد الطفل نبدأ بالحديث عنه, هذا المولود الذي نصفه بـ(عجينة)، وإننا نستطيع تكوينه كما يحلو لنا. ولكننا لا نعلم أننا بهذه النظرة نقوم بإلغاء خصوصية الطفل، ونلغي فكرة أنه مولود له ذاته التي سيعبر عنها مع مرور سنوات عمره.
ونحن هنا لا نلغي دور التربية, بالعكس تماما فمهمة التربية هي صقل شخصية الطفل وإحاطته بكل ما هو مناسب ليعبر عن ذاته وليبرز شخصيته، مع اهتمام دائم من الأهل بتقديم النصيحة وتوجيه طريقه نحو الأكثر ملاءمة، مع إتاحة فرصة للطفل ليجرب ويظهر نفسه في أي وقت كان. حتى لا يقع الأهل في شرك التربية كما تربوا هم. ويفضل في هذه الحالة الموازنة بين الاتجاهات الصحيحة للتربية بما يتناسب مع العائلة والمجتمع، وبين خصوصية هذا الطفل وتعبيره عن ما يحب ويكره.
وننتقل بحديثنا إلى الاطفال المعوقين الذين هم جزء من طفولتنا التي تظلم أحيانا. فالمجتمع للأسف زرع فينا نظرة الشفقة لهذا الطفل، وأن كل ما نعمله لإجله أو معه فهو بدافع "الشفقة". في حين إننا ننسى أن هذا الطفل هو كغيره من الأطفال يولد بشخصيته الفريدة التي هي بحاجة للظهور وللتعبير عنها. فهذه هي ثقافة مجتمعنا التي يجب علينا جميعا أن نعمل على تغييرها, ونتجه نحو مفهوم العمل مع هذا الطفل وتأمين كل ما يلزمه ليعيش حياة كريمة, بدءاً من العيش بجو أسري محاط بالحب والرعاية، إلى المجتمع الكبير الذي يندمج به يوميا.
فحيث نجد بعض الاهالي يقومون بإخفاء أطفالهم المعوقين عن العالم الخارجي خجلين منه, دافعين به إلى هامش الحياة (لا يتعلم, لا يلعب, لا يندمج مع المحيط الخارجي...إلخ)، نجد أهالٍ آخرين قبلوا طفلهم وآمنوا بحقه أن يعيش كباقي الاطفال، فيرسلونه إلى المراكز التي تقدم للطفل المعاق خدمات مساعدة على التأقلم مع إعاقته، أو حتى تجاوزها. وفي هذه المراكز يتلقى الطفل العناية الملائمة لإعاقته ويتعلم ويلعب مع أقرانه كباقي الأطفال. وهنا يجب علينا الانتباه إلى أن حق الطفل المعوق بالتعلم هو حق أصلي لا يجب التنازل عنه أو إهماله بأي شكل, فلكل إعاقة طريقة ووسيلة مناسبة لتمكين الطفل من التعلم.
وإضافة إلى دور المراكز المتخصصة، لا يجب أن ننسى دور الدمج في بناء شخصية متوازنة لكل من الطفل المعاق والطفل العادي، خاصة في الروضات والمدارس. والدمج هو خطوة جيدة نحو طفولة متوازنة تتيح للطفل المعوق اجواء صحية  ليعيش مع أقرانه كافة النشاطات ويتعلم معهم.
لكن نجاح الدمج مرهون بإجراءات كثيرة يجب أن تتخذ، منها أن يكون المبنى مناسبا، والكادر التربوي مدربا بشكل جيد.


هناء دحدل، (نظرة حول بعض المفاهيم المغلوطة في حياة أطفالنا)

تنشر بالتعاون مع موقع "مشروع الرياض الدامجة"، (11/12/2011)

0
0
0
s2smodern