افتتاحية المرصد

من يمثل النساء السوريات؟خرجت العديد من النساء من حملة الجنسية السورية ليدعين أنهن يمثلن "النساء السوريات" في هذه الحرب الطاحنة التي يخوضها وطننا ضد قوى الإرهاب الأصولية التكفيرية التي لا تعترف أصلا بإنسانية المرأة، بل تعتبرها "وعاء متعة وإنجاب" خلقها الله لصالح الذكر البهيمي.



أغلبية هؤلاء النساء لم يعشن منذ عقود في سورية، بعضهن هن في الواقع مواطنات بريطانيات أو أمريكيات أو غير ذلك وكل ما تربطهن بسورية هو أنهن "من أصول سورية"! بعضهن الآخر أمضى وجوده في سورية في النهب باسم حقوق المرأة، سواء من داخل النظام أو على هامشه، وسواء عبر استخدام الموارد المالية التي أتيحت من قبل الحكومة (كالهيئة السورية لشؤون الأسرة)، أو من قبل منظمات غربية التي صرفت الملايين على هؤلاء الفاسدات باسم "حقوق النساء"!

وجميع هؤلاء دون استثناء يعادين الجيش العربي السوري صراحة ودون مواربة، ويقفن إلى صف إرهاب الإسلام السياسي الذي يسمينه، أسوة بالغرب الاستعماري: "ثورة شعب"!
وهن، بموقفهن هذا، وبكل وضوح: يعادين ملايين النساء السوريات اللواتي هن أمهات وأخوات وبنات وقريبات وصديقات جنود هذا الجيش! بل ويعادين ملايين آخرى من النساء اللواتي هربن من "ثورتهن" التكفيرية الظلامية إلى ظلال هذا الجيش!

في الواقع إن هؤلاء لا يمثلن أحدا في سورية، حتى وإن ادعين "برنامجا" ديموقراطيا أو مدنيا سقط معناه ومبناه بدعمهن للأصولية الدينية المعادية للنساء جملة وتفصيلا!

بل الواقع أن النساء السوريات لا يمثلهن أحد على وجه الإطلاق، لا شخص ولا منظمة. فهن ما زلن كتلة غير مميزة، ممزقة بين الولاء الأعمى للدين والطائفية، وبين حقوقهن التي كرس بعضها خلال العقود الماضية، إلا أن ما كرس منها هو أقل بكثير مما كان ممكنا، كما أن ما كرس منها قد قضت عليه اليوم "الثورة"، أو هي تهدد بالقضاء عليه وتحويلهن إلى جاريات عبدات باسم الدين و"الثورة".


يوم المرأة العالمي، الذي هو يوم للتذكير بأن العالم، من السويد وأمريكا حتى الصومال وشبه جزيرة العرب، ما يزال ينتهك إنسانية النساء بأسماء مختلفة، وأن العالم لن يكون حضاريا فعلا، ولا مدنيا فعلا، ولا حتى إنسانيا فعلا قبل أن ينتهي من هذا التمييز البهيمي،
هذا اليوم يمر في سورية ليذكر النساء السوريات بأن ما تمكن من تحصيله من حقوقهن عبر قرن من الاستقلال عن الظلامية العثمانية، هو اليوم مهدد بشدة من قبل تحالف الإسلام السياسي وبعض "النخبة" التي باعت ضميرها وشرفها للغرب الاستعماري،
وأن الطريق الوحيد لمنع انهيار ما بني هو بدحر هذا التحالف كله، وببناء دولة المواطنة المتساوية التي لا تعترف بتمييز بنته الثقافة الذكورية وغلفته بأسماء شتى من الشرائع السماوية وحتى العادات والتقاليد.



خاص، نساء سورية

2016/3/9

0
0
0
s2smodern