افتتاحية المرصد

إلى حد ما لم يكن مفاجئا أن تتخذ الحكومة السورية هذا الموقف الذي أشار إليه د. محمد حبش حين قال أن الحكومة السورية رفضت منح المرأة السورية حقها الطبيعي بمنح جنسيتها لأطفالها، بذريعة الحفاظ على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة! فقد اعتدنا على هذه الحكومة المعادية لقضايا المرأة أن تجد السبل والطرق من كافة الأنواع لإبقاء العنف والتمييز ضد المرأة قائما في المجتمع السوري! فهذا ينسجم مع العقلية الذكورية التي تتحكم بهذه الحكومة، والتي يعبر عنها أغلب أعضائها، رجالا ونساء!

لكن الغريب فعلا هو أن هذه الحكومة لا تجد غضاضة في الانتقاص من حقوق المواطنة في سورية تحت ذرائع واهية مثل قرار من قرارات الجامعة العربية، لا نريد أن نناقشه ولا أن ندخل فيه، فهو قرار سياسي يقع خارج اهتمام "مرصد نساء سورية"، إلا أن ما يهمنا هو أن هذا القرار، وغيره من القرارات السياسية لا يجب أن تنتقص من حقوق المواطنة في سورية. وحين يتعارض أي قرار، لجامعة دول عربية أو لغيرها، مع حقوق المواطنة، فالبيديهي أن حقوق المواطنة هي الأولى.
المشروع المعدل  الذي تحدث عنه د. حبش، والذي يستثني النساء السوريات المتزوجات من فلسطينيين، هو مشروع مرفوض من قبلنا، ندينه بصراحة وشدة. فالنساء السوريات المتزوجات من فلسطينيين هم نساء سوريات أولا وأخيرا. وحقوقهن هي حقوق سورية لا علاقة لها بأي ظرف أو قرار سياسي آخر. ومن حقهن، مثلما من حق أي امرأة سورية أخرى، أن يتمتع أبناؤهن بالجنسية السورية بمجرد ولادتهم منها.
وفي الأصل، فإن هذا لا يتعارض أبدا لا مع قرار الجامعة العربية ولا مع غيره من القرارات المتعلقة بحق العودة. ذلك أن الطفل نفسه سيبقى يحتفظ بجنسيته الفلسطينية المنتظرة والتي يأخذها من والده. وقانون الجنسية السوري لا يسمح بازدواجية الجنسية. وبالتالي فإن الحل تجاه "حق العودة" هو أن يعدل ليسمح بذلك "حفاظا على حق العودة"، وإن على وجه الاستثناء. كما أن قرار الجامعة العربية نفسه لا ينص على إجراء محدد بهذا الخصوص. وبالتالي فإن الاستناد إليه في الأصل، في موضوع حق المرأة السورية بمنح جنسيتها لأطفالها، هو استناد باطل أصلا. بدلالة أن عدة دول عربية أقرت هذا الحق لنسائها، آخره الجزائر، وقبلها المغرب وتونس ومصر.. ولا نظن أن هذه الدول متهمة بالتفريط بهذا الحق لأنها ثبتت الحق الأساسي للنساء فيها هو أن يكون من حق أطفالهن الحصول على جنسية أمهاتهن.
وفي الواقع، نحن نشكك في  هذا العذر للحكومة السورية، ولا نسبتعد أن المشروع المعدل سيرفض أيضا بذريعة أخرى تتعلق بالنساء السوريات المتزوجات من أكراد محرومون من الجنسية السورية! وحتى إذا حلت هذه، فستجد الحكومة تلك أسبابا أخرى للتعبير عن ثقافتها الذكورية التي تنتهك أصلا الدستور السوري الذي يعتمد المواطنة معيارا وحيدا.
إن انتهاك حق المواطنة للنساء السوريات بعدم تثبيت حقهن الأساسي بمنح جنسيتهن لأطفالهن، بغض النظر عن جنسية الزوج، هو انتهاك مدان  ومرفوض، مهما كانت الأعذار والمبررات. وما على الحكومة السورية فعله هو التخلي نهائيا عن تصوراتها تلك، وتبني مبادئ المساواة في المواطنة، أي في الحقوق والواجبات، بين كافة أعضاء المجتمع السوري، نساء ورجالا.


بسام القاضي، افتتاحية "نساء سورية"، (على الحكومة السورية أن تبحث عن حل لـ"حق العودة" بعيدا عن انتهاك حقوق المرأة السورية!)

خاص: نساء سورية

0
0
0
s2smodern