جرائم الشرف

أطلق مرصد نساء سوريا، حملة من أجل اعتبار يوم 29 تشرين الأول، كيوم عالمي للتضامن مع ضحايا ما يسمى بجرائم الشرف، وبهذه المناسبة ولكوني إنسان أولاً وأمرأة ثانياً وحقوقية ثالثاً، أعلن عن تضامني الكامل مع هذه الحملة الإنسانية النبيلة واعتبار اليوم المذكور يوماً عالمياً للتضامن مع ضحايا ما يسمى بجرائم الشرف، وأسلط فيما يلي بعض الضوء على هذه الجريمة البشعة بحق المرأة:

فمما لا شك فيه أن ما يسمى بجرائم الشرف، تعتبر من الموضوعات الملحة والتي باتت تطرح نفسها بقوة على بساط البحث على الساحات الثقافية والدينية والقانونية في المجتمعات الشرقية بشكل خاص، باعتبارها جرائم نابعة من بيئة ثقافية معينة تغذي ثقافة العنف والقهر ضد المرأة، والمقصود بهذه الجرائم، هي التي يزعم الفاعل أنه أرتكبها باسم الشرف أو بدافع من الشرف، بحق الإناث القريبات لهم لارتكابهن الزنا أو إقامتهن للصلات غير المشروعة مع الغير أو مجرد الشبهة، حيث تشير بعض الإحصائيات وأن كانت غير دقيقة إلى وقوع حوالي ثلاثمائة جريمة من هذا النوع سنوياً في سوريا، فقد جاء في إحدى التقارير الحديثة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة (أن سوريا تصنف بين أكثر خمس دول في العالم يتم فيها ارتكاب جرائم الشرف تكون ضحيتها المرأة).

 ومما يذكر أن جل القوانين المتعلقة بما يسمى جرائم الشرف، سواء في سوريا، يعمل بها منذ العهد العثماني وهي تمنح الجاني الأعذار (المحلة والمخففة)، مع العلم أن معظم هذه الجرائم ترتكب لأسباب غير الذريعة التي يتقدم بها القاتل، فقد يكون الدافع للقتل هو التخلص من أحد أفراد العائلة للحصول على الإرث والاستفراد به، أو أحياناً مجرد الزواج بغير موافقة الأسرة، أو الزواج من خارج الطائفة التي تنتمي إليها، أو مسايرة لأوضاع وظروف معينة...، وعملياً أغلب الجناة من الشباب والضحايا من النساء وذلك لعلمهم بإمكانية الاستفادة من القانون والاحتماء به.

 فالقوانين السورية تحتوي الكثير من النصوص التي تغذي هذه الثقافة، ولعل المادة (548) من قانون العقوبات السوري العام، هي من أكثر المواد القانونية التي تشجع الجاني على ارتكاب فعلته الدنيئة، لمعرفته الأكيدة أنه سوف يستفيد من الأعذار (المحلة والمخففة)، ورغم تعديل هذه المادة بالمرسوم التشريعي رقم (37) تاريخ 1 / 7 / 2009 القاضي بتبديل العذر المحل بالعذر المخفف ورفع عقوبة مرتكب الجرم...، إلا أن ذلك لم يكن كافياً للقضاء على هذه الجريمة ووقف العنف بحق المرأة.

 فمن أجل مواجهة هذه الجريمة البشعة ضد الإنسانية، والحد من الأعداد الكبيرة لضحاياها، يجب إلغاء نص المادة (548) من قانون العقوبات السوري العام المعدل بالمرسوم التشريعي رقم (37) لعام 2009 وجميع النصوص القانونية الأخرى التي تغذي ثقافة العنف ضد المرأة من التشريعات السورية المختلفة، بما يساهم في إحداث تغيير جذري في الثقافة السائدة والنظرة إلى المرأة، باعتبار أن القانون، هو الأداة الرئيسية لأحداث التغيير المنشود في المجتمع وتوجيهه بشكل سليم ورفع الظلم والغبن عن أبنائه وتشذيب عاداته وتقاليده وموروثاته...


هيلين سيسو، (أعلن تضامني الكامل مع ضحايا ما يسمى بجرائم الشرف)

عن جريدة "العدالة" (المنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سوريا (DAD))، 11/2010

0
0
0
s2smodern