جرائم الشرف

بعد أحد عشر يوماً تطل علينا الذكرى الأولى لواحدة من أبشع الجرائم التي ارتكتب بحق الإنسان في العالم. في التاسع والعشرين من تشرين أول من عام 2009 أعلن القضاء انحيازه إلى القاتل ضد الضحية ليس لأي شيء سوى أن القاتل ذكر والضحية أنثى. في ذلك اليوم قتل القاضي الطفلة زهرة عزو للمرة الثالثة.

اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف
اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف
أن يقتل أحدهم فهذا مدعاة للأسى والحزن، أن يقتل أحدهم مرتين، فهذا يثير الغضب، أما أن يقتل أحدهم ثلاث مرات فنكون شركاء في الجريمة إن تركنا المجرمين يفلتون من العدل.

في 29 تشرين أول من عام 2009 أصدر القاضي حكماً أشبه بالبراءة مع إخلاء السبيل لشقيق زهرة عزو الذي ذبحها بدم بارد وبتخطيط مسبق. تتلخص قضية زهرة بأنها اختطفت من قبل أحد أصدقاء العائلة، ثم أودعت في معهد للتربية الاجتماعية لمدة تسعة أشهر بهدف إعادة تأهيلها لأن أحد الذكور اختطفها. وبعد أن كتب والدها تعهداً بعد التعرض لها بعد خروجها من المعهد، زفت إلى ابن خالتها بموافقة ومباركة ذويها الذين شهدوا كتب الكتاب وحضروا حفل الزفاف. لكن النية مازالت مبيتة لغسل العار! بعد زواجها بأشهر زارها أخوها في منزلها وجلس في ضيافتها وضيافة زوجها ليومين، وبعد أن اطمأن الجميع وغادر الزوج إلى عمله قام هذا المجرم بذبح الطفلة زهرة كما تذبح الشاة.

هكذا يقوم القضاء بتعليق أوسمة الشرف على صدر القتلة. وأي قتلة؟ من يقتل من هي من لحمه ودمه. وكل ذلك تحت سمع وبصر حكومتنا التي لا تحرك ساكناً في هذا الموضوع بل يبدو أن تتواطئ مع مرتكبي جرائم العار. أما مجلس الشعب الذي يفترض به أن يمثل كل الشعب وليس ذكوره فقط، فهو يرفض مجرد طرح قوانين العار على الطاولة لمناقشتها. منظومة قانونية قبيحة تتمثل بالمواد 192 و 239 و 240 و 241 و 242 والمرسوم التشريعي 37 لعام 2009 الذي جاء كتعديل هزيل للمادة العار 548 بالإضافة إلى قضاة ومحاميين يشاركون في هذه المهزلة.

وليست تلك التي تدعي أنها منظمات حقوق الإنسان براء من دم أخواتنا، فهي ليست أقل تواطأً من غيرها في جرائم العار. لا نسمع صوتها إلا في حالات الاعتقال السياسي، وكأن الظلم، كل الظلم، ليس من اختصاصها. إنها منظمات سياسية 100% تعمل لصالح تيارات سياسية أخرى وتنسق معها وتدخل من باب حقوق الإنسان زوراً وبهتاناً لتتسلق على ظهور الناس وآلامهم لتحقيق مآربها.

زهرة ليست الوحيدة، بل هي قصة كل أنثى تقتل باسم شرف قبائلنا التي أصبح قانونها فوق الدستور بمعية القضاء والحكومة ومجلس الشعب. زهرة رمز لقصة حليمة وحسناء وغيرهن كثر. فلنجعل يوم اغتيالها للمرة الثالثة يوم إعلان أننا لسنا شركاء في قتل الإنسان، يوم انطلاق العمل حتى ننال شرفنا الحقيقي بإلغاء اسم "جرائم الشرف" من قاموسنا الوطني والقانوني والاجتماعي. لنتضامن جميعنا مع ضحايات جرائم الشرف، جرائم العار بكل الوسائل الممكنة، بالنشاط المدني ومن خلال مواقع الأخبار ومدوناتنا والفيس بوك وتويتر وكل المواقع الاجتماعية.


- حسين غرير، (اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف)

تنشر بالتعاون مع المدونة الشخصية للكاتب، (10/2010)

0
0
0
s2smodern