جرائم الشرف

بإمكانيات متواضعة أنجز المخرج الأردني فيصل الزعبي فيلمه المميز "جميلة" الذي يدور حول "جريمة شرف" وملابسات ارتكابها، والوضع المجتمعي المحيط بها، والأدوار المختلفة التي لعبتها أطراف مختلفة في ارتكابها تحت ذرائع مختلفة.

لقطة من فيلم جميلةويوضح الفيلم القصير (ساعة) زوايا هامة من هذه الجرائم، خاصة لجهة أهمية المواقف التي تتخذ من هذه الجريمة، والتي قد لا تتعلق بالمستوى التعليمي للأشخاص، بقدر ما تتعلق باعتقادهم الأساسي أن القتل هو اعتداء وانتهاك لا مبرر له على الإطلاق.

عرض الفيلم في النادي السينمائي بحمص، بالتعاون مع مرصد نساء سورية، واستقطب عددا كبيرا من المتابعات/ين اللواتي أغنوا الحوار الذي أعقب الفيلم، والذي أداره الأستاذ نزيه بدور، رئيس النادي السينمائي بحمص بحنكة ومهارة.

تناولت الأراء المطروحة جوانب عدة من فيلم جميلة، بعضها فني مثل طغيان الموسيقى في الفيلم، وبعض الحلول الإخراجية المميزة، ولكن أغلب النقاشات تركزت حول مضمون الفيلم. إذ تساءل البعض عن مغزى أن تكون الضحية "برئية"، فهل هذا يعني أنها لو لم تكن بريئة لتغير الموقف من جريمة القتل باسم الشرف؟

كذلك ناقش الحضور المواقف المختلفة من "جريمة الشرف" التي عالجها الفيلم. وكيف يمكن لنا، كأفراد إضافة للحكومة والقوانين والمنظمات، أن نلعب دورا رئيسيا وهاما في مواجهة هذه الجريمة عبر رفضها، ومقاطعة من يرتكبها. فهي جريمة اجتماعية سوف تسقط كليا حين يرفضها الوسط المحيط بالأشخاص الذين يرتكبوها.

وتحدث الحضور علاقة المستوى التعليمي للقتلة والمحرضين على القتل بالجريمة. إذ تبدى من خلال الفيلم أن "التعليم والحياة في الخارج" التي عاشها المخطط الفعلي للجريمة، لم تفده إطلاقا. بل إنه استخدم شهادته وحياتها ليفرض المزيد من السلطة والسطوة في نظام الحياة العشائرية الذي يعيشه، ضاربا عرض الحائط بكل ما تعلمه ورآه..

ندوة حمص حول فيلم جميلةفي الوقت نفسه، انعكست الظروف نفسها على والد الضحية الذي كان قد اتخذ موقفا أساسيا ضد القتل.. لكنه لم يتمكن، أو كان أقل مبادرة في منع الجريمة. فذهبت ابنته ضحية، وذهبت حياته في البكاء والتحسر عليها.

"الحبيب" أيضا برز سلبيا للغاية في الفيلم، فهو بكاء بامتياز، ولم يتخذ أية خطوة أو موقف له معنى. في حين قام "مؤرخ القرية" بتقييم صادق وصريح لكل الشخصيات التي لعبت أدوارا مختلفة في الفيلم.

رغم بعض الانتقادات التي تلقاها الفيلم من يحث مباشرته، إلا أن واقع أن الفيلم لم يصنع من أجل "الفن"، بل كمساهمة من المخرج وأبطال وبطلات الفيلم في العمل المضني الذي قام به المجتمع المدني الأردني في مواجهة تلك الجرائم على مدى سنوات، يغير من أهمية وتصور الاعتبارات الفنية. فالفيلم هو مادة اساسية في مواجهة تلك الجرائم البشعة، وليس معالجة نظرية لمشكلة تعاني منها مجتمعاتنا بدعم وتأييد من القانون، الثقافة الذكورية بمختلف مسمياتها، وبعض السلطات المجتمعية التي تريد أن تقيم عرشها على جماجم النساء.

مرصد نساء سورية يوجه تحية للنادي السينمائي بحمص الذي يبذل جهودا مميزة في التواصل مع جمهوره، وفي الرقي دائما بالذوق السينمائي. وخاصة للأستاذ فيصل الزعبي الذي قدم الفيلم للمرصد كمساهمة منه في العمل الذي يقوم به مرصد نساء سورية في مناهضة جرائم الشرف منذ أطلق الحملة الوطنية لمناهضة هذه الجرائم (ايلول 2005) وحتى اليوم.

بطاقة الفيلم:
اسم الفيلم: جميلة
سيناريو وإخراج: فيصل الزعبي
تعاون فني: هانيبال سعد
مدير التصوير: نضال عبد الخالق
إنتاج: مركز المعرفة للدراما والفنون
الممثلون/ات: زهير حسن، نجوى قندقجي، عيسى سويدان، مروان حمارنة، محتسب عارف، منذر رياحنة، عبد الكريم الجراح، غالب جواد، رندة كرادشة، هيام حسين، إبراهيم أبو الخير، خضر بيضون، حسن درويش، محمود جبارة، محمد القضاة، احمد مشتهى، عليب طوالبة، رشا دعيس، الطفل حسن دويكات، الطفلة ليلى هزيم.
مخرج منفذ: فايز دعيبس
مونتير: محمود العلي
موسيقى: إبراهيم سليامني، أمادين دنكل، أوليفر فريدلي، رشا رزق.
غناء: رشا رزق.


نساء سورية، (فيلم "جميلة" يثير حوارا غنيا في النادي السينمائي بحمص)

خاص: نساء سورية (1/3/2010)

0
0
0
s2smodern