قضايا المرأة
انهيار القيم الأخلاقية للأمم المتحدة

تعرّف المنظمة التي تقرر إنشاؤها في الدورة 64 للأمم المتحدة (تموز 2010) نفسها بالقول: "هي هيئة منظمة الأمم المتحدة المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. والهيئة هي النصير العالمي الرئيسي لقضايا المرأة والفتاة، حيث أنشئت لغرض التعجيل في إحراز تقدم فيما تصل بتلبية احياجاتهن على الصعيد العالمي".




وتقول هي أن المهام المنوطة بها هي: "دعم الهيئات الحكومية الدولية، مثل لجنة وضع المرأة، في صياغتها للسياسات والمعايير والقواعد العالمية. ومساعدة الدول الأعضاء على تنفيذ هذه المعايير.. ومساءلة منظومة الأمم المتحدة بشأن التزاماتها فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين..".

لن نتحدث عن الإنحياز الصريح لجميع منظمات الأمم المتحدة إلى واحد من أشد "كيانات" الأرض همجية وعدوانية، الصهاينة المحتلين لفلسطين. فهذا كلام لم يعد يفيد في ظل عالم اتفق على أن يكون هؤلاء المرتزقة هم "ركيزته" في هذه المنطقة من العالم!
ولا عن "غض النظر" عن ما ترتكبه من جرائم دول استعمارية كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ضد شعوب بكاملها، نساء ورجالا وأطفالا، كأفغانستان والصومال وغواتيمالا ونيكاراغوا وليبيا والعراق واليمن وسورية.. فتلك الدول الإرهابية هي "سيدة" العالم اليوم!
وأيضا لن نتكلم عن الصمت المطبق لجميع تلك المنظمات، وشريكاتها التي تدعي الاستقلالية كمنظمة العفو الدولية وهيومن رايتس، عن العنف الإجرامي المستمر الذي ترتكبه الشركات متعددة الجنسيات بحق ملايين النساء والأطفال في مصانعها في تايلاند وسينغافورة والفلبين والعديد من دول أمريكا الجنوبية، فهذه المنظمات ومن فيها "يعيشون" من فتات تلك الشركات!

لكن ذلك كله، على فداحته، يبدو "بسيطا" أمام مفارقة أن تحظى مملكة الإرهاب والظلمات، مملكة لا دستور وفيها ولا قوانين، لا حقوق من أي نوع، لا نساء ولا أطفال، بل فقط "ملوك وأولياء عهد" من الذكور البهيميين يمتلكون كل شيء، ويقطعون الرؤوس بالسيوف، ويعتقلون النساء لأن عيونهن بدت مزينة من تحت النقاب، ويسجنونهن إذا تجرأن على قيادة السيارة، وتنص "شريعتهم" على أن النساء والأطفال هم ملكية مطلقة للذكر..
أن تحظى هذه البؤرة السوداء في جبين العالم على مقعد في "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، تلك المعنية بالدفاع عن حقوق النساء في العالم، فتلك ليست مفارقة، بل وصمة عار على جبين المنظمة الدولية لن تزيلها أموال البترودولار بأكملها!

في مملكة الوهابية المنحطة، لا حق للمرأة من أي نوع. ببساطة: لا دستور ولا قونين. كل شيء يعتمد على الحالة النفسية لبعض المعتوهين الإسلاميين الذين يشرعون حياة الناس فيها بناء على ما يرغب به معتوهين آخرين يملكون الصولجان!
في مملكة الوهابية لا حق للنساء بالعمل. لا حق لهن بالزواج. لا حق لهن بالطلاق. لا حق لهن بالإنتخاب (لا يوجد انتخاب أصلا).. بل لا حق لهن بالسير في الشارع بدون ذكر بهيمي ينتمي إليهن بصلة "الدم المحرم"!
في مملكة الوهابية المسخة لا يوجد مجلس شعب أو ما يوازيه من أي نوع. لا يوجد منصب تنفيذي لامرأة من كانت. لا توجد "مواطنة" أصلا حتى يكون للنساء أي حظ من أي قدر منها!

مع ذلك، وبكل صفاقة، تقبل تلك اللجنة أن تكون العصابة المحتلة لتلك الأرض مقررة فيها!

نعم، مقررة، كما ينص قرار تأسيس اللجنة نفسها ومهامها وأهدافها!

فاعتبارا من اليوم، مملكة الموت والنخاسة والإماء والجواري هذه، ستكون "نصيرا عالميا رئيسيا لقضايا المرأة والفتاة" حسب زعم المنظمة!

اعتبارا من اليوم ستعمل مملكة الموت هذه عل "صياغة السياست والمعايير والقواعد العالمية" المتعلقة بحقوق المرأة! بل وستهر على "تنفيذ هذه المعايير"!

اعتبارا من اليوم، من حق مملكة العار هذه أن تقول أن المرأة السورية لا تحظى بحقوقها! أو أن الفتاة المصرية مضطهدة! أو أن النساء الفرنسيات يستغلين جنسيا في العمل! أو...

تلك هي حقيقة الحال الذي وصله عالمنا اليوم. العالم الذي أنشأ منظمة دولية بعد حرب عالمية طاحنة، آملا أن تساهم في منع حدوث مثل تلك الحرب مرة أخرى، صار "حفرة" مظلمة لعولمة الموت والإنتهاك والإرهاب واضطهاد النساء!

فما الذي سنقوله نحن، في مرصد نساء سورية (مثلا)، بعد هذا العار؟ ما الذي سنقوله للحكومة السورية ونحن نهاجمها لتقصيرها في تأمين حقوق النساء السوريات، فيما تحتل تلك العصابة الوهابية المنحطة مقعدا مقررا في لجنة دولية تعنى بـ"تمكين النساء"؟ ما الذي سنقوله أصلا للنساء السوريات ونحن نحضهن على مواجهة واقعهن، بعد وصمة العار هذه؟

إنه انهيار أخلاقي بكل معنى الكلمة. انهيار يكمل مسار تلك المنظمة التي تحولت أولا إلى أداة إرهابية بيد شعوب وأنظمة تسعى إل استعباد كل كائن حي، ثم إلى منصة لتدمير الدول والأوطان التي لا تخضع لملوك المال فيها، والآن إلى "ملعب" لمسوخ أحط ما عرفه التاريخ من معاداة أصيلة وحاقدة ضد النساء في العالم كله؟!


بسام القاضي
مرصد نساء سورية، (2017/4/30)

0
0
0
s2smodern