محافظ يقتحم قاعة امتحانية برفقة الشرطة العسكرية!
بكل المعايير، بدءا من اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها سورية قبل أكثر من عقد، مرورا بالقوانين السورية ذات العلاقة، وانتهاء بأبسط قواعد الأخلاق، شكل اقتحام حافظ حماه وجوقة من الشرطة العسكرية لقاعات الامتحان في مدارس حماة، جريمة صريحة ترتكبها السلطات التنفيذية السورية بحق الأطفال السوريين دون أي رادع!
فمن جهة، جميع التلاميذ الذين يتقدمون بالامتحانات، سواء كانت الأساسية منها أو الثانوية، هم تحت سن 18 سنة. أي هم باعتبار القانون السوري والدولي "أطفالا"، ويحظر معاملتم معاملة الكبار عند وقوعهم فيما يسمى "مشكلة مع القانون"، تحت أي ظرف ولأي سبب.
ومن جهة أخرى، لجميع المنشآت التعليمية في سورية "حرمة" وفق القانون. لا يجوز لأي سلطة تنفيذية دخولها إلا لأسباب قاهرة كحين وقوع الكوارث (حريق مثلا) أو شغب يهدد بأضرار عامة (كمشاجرة مسلحة مثلا).
أما الأهم فهو أن الذريعة التي بنى عليها المحافظ وزمرته سلوكه المعتدي على أطفال حماه، أي "ضبط الغش في الإمتحانات"، فهو أولا مسؤولية هذا المحافظ والمديريات الواقعة تحت سلطته (ضمنا مديرية التربية) التي حولت العملية التربوية- التعليمية في المحافظة (وغيرها) إلى امتيازات لأبناء فلان وفلانة على حساب باقي الطلاب، وأشاعت الفساد في كافة أوجه الحياة، حتى صار الغش في الإمتحان ليس سوى أهون المظاهر شرورا، قياسا بالغش الذي ترتكبه السلطات التنفيذية جميعها بابتزاز أسر الشهداء مثلا، واحتكار مواد تموينية وبيعها في السوق السوداء مثلا، والسلبطة الأمنية على حياة الآلاف من الناس أيضا، وغيرها الكثير.
ونعرف جميعا أنه لو كان بني هؤلاء الطلاب طالب واحد ولد لأسرة أحد المتنفذين (في الحكومة أو في السوق) لما تجرأ المحافظ حتى على الإقتراب من المدرسة. فحالات الغش الجماعي بسبب هؤلاء "المترفون" أشهر من نار على علم، ولا يجرؤ أحد من السلطات التنفيذية على إيقافها أو حتى الحد منها.
ومهما كانت المبررات، وأيا كانت النوايا: يشكل ما فعله المحافظ وزمرته من مرافقيه والشرطة العسكرية جريمة صريحة بحق أطفال سورية، على أهالي الطلاب المعنيين تجميع أنفسهم والتقدم بدعوى قضائية جماعية ضدهم لمعاقبتهم أشد العقاب.
بل أيضا على وزير التربية شخصيا الاختيار بين الإعلان عن إدانته الصريحة لهذه الجريمة، أو تقديم استقالته بصفته عاجزا عن صون "حرمة المدارس" أمام عسف السلطات التنفيذية الأخرى.
وما لم يفعل ذلك فإن وزير التربية شخصيا، وطبعا مدير التربية في حماة، سيكونان شريكان في هذه الجريمة، ويجب مقاضاتهما ومحاسبتهما بصفتهما هذه: شريكان ومتواطئنا في الإعتداء على مئات الأطفال السوريين.
ونحن في "مرصد نساء سورية"، ندين هذه الجريمة، وندين الصمت عليها كما محاولة بعض الإعلاميين المأجورين تبريرها وتصويرها على أنها "فعل جيد لضبط الغش"، بل ودعمها من قبل بعض أعضاء مجلس الشعب الذين، بذلك، يعبرون عن ولاءهم المطلق للسلطة التنفيذية وهي تخترق أبسط حرمات التعليم.
وندعو إلى إعادة قوننة شروط الامتحانات السورية للمراحل ما قبل الجامعية بشكل جذري، بحيث لا تمنع الغش بأشكاله المختلفة (القديمة والحديثة) فحسب، بل أيضا تمنع الإساءة للطلاب أثناء تقديمهم الامتحان تحت أي ظرف أو سبب.
افتتاحية مرصد نساء سورية، (2017/5/19)