على السوريات أن يتنطحن لتحقيق المساواة
غالباً ما يتجه الحديث إلى النساء النخبويات حين الحديث عن ضرورة مشاركة النساء في الدفاع عن قضاياهن، بل في الهجوم على الثقافة الذكورية وسلطتها لإجبارها على التخلي عن امتيازات التمييز ضد النساء الذي تحميه الأديان والطوائف والديكتاتورية والثقافة الذكورية.
لكن تجربة سورية خلال عقدين مضيا، واحد من "السلم" وآخر من "الحرب" برهنت على أن النخبة لن تستطيع أن تفعل ذلك، لا رجالاً ولا نساء، ببساطة لأنها نخبة غارقة في الفساد والمسحوبيات، واليوم يغرق بعضها أيضاً في العمالة والخيانة.
وفي سورية كما في كل مكان آخر، لن تستطيع النساء أن تتمتع بحقوقهن كإنسانات، أي بحقوقهن المتساوية مع الرجال في جميع المجالات دون استثناء، إلا حينما يقررن هن أن يخرجن من أوهام الثقافة الذكورية المصممة خصيصاً للسيطرة عليهن، ليحاربن من أجل المساوة الحقيقية في كافة نصوص الدستور، كما في كل بند قانوني سواء تعلق بالزاوج والطلاق أو الحضانة أو الامتلاك أو السفر أو..
وفي الواقع فإن الكثير جداً من النساء يعرفن ذلك، ويعرفن أنهن مضطدات مسلوبات الإرادة، سواء من قبل أرباب الطوائف و أرباب الأديان أو السلطات التنفيذية، باستخدام الكثير من الأدوات ليست أسطورة "العادات والتقاليد" سوى أشهرها. لكن معرفتهن تلك لا تتقدم لتترجم على أرض الواقع كفاحاً من أجل مستقبلهن، خائفات من الفشل وما يترتب عليه من نتائج وخيمة على الصعيد الشخصي والمجتمعي المحيط بالمرأة المعنية.
وإذا كان من الصحيح أن المعركة صعبة وطويلة، وبالتالي فإن الفشل مع آثاره هي نتيجة قد تواجهها الكثيرات إن قررن خوض المعركة، فإن الحقيقة أن لا أمل لهؤلاء النسوة، ولا لبناتهن، بالإرتقاء عن مستوى الجارية التي وضعن فيها (مهما علت مناصبهن وزادت ثرواتهن وظنن أنهن سيدات مجتمع أو أعمال أو سياسة أو..)، إلا بخوض معركة تلو الأخرى، والنهوض من الفشل أكثر إصراراً وتصميماً على التقدم والنجاح.
وما التغييرات التي أضيفت إلى بعض القوانين السورية منذ أكثر من عقد إلى اليوم، إلا دليل على أن التغيير لا يمكن أن يأتي من أصحاب السلطة: الدينية والطائفية والسياسية، فكل هذه التغييرات بقيت تعديلات على الشكل فقط، دون أن تمس الحقوق الأساسية للنساء، سواء التغيير في المواد العار التي تناصر قتلة النساء باسم الشرف (548-192 من قانون العقوبات)، أو التعديلات المضحكة على قانون الأحوال الشخصية الإسلامي، أو تمزيق النساء السوريات بين أكثر من 5 قوانين أحوال شخصية (إسلامي ودرزي وعدة قوانين مسيحية!),
من جنوب أفريقيا إلى السويد، ومن اليابان حتى الولايات المتحدة الأمريكية: نالت النساء ما نالته من حقوق فقط بنضالها وإصرارها على مواجهة السلطة الذكورة بجميع مسمياتها، وتبنيها لقضاياها بنفسها دون انتظار منة من أحد.
افتتاحية مرصد نساء سورية، 2019/6/8