عندما بحثت مديرية التربية في محافظة ادلب عن أسباب التسرب المرتفع في مدارسها رأت أن السبب هو عدم صدور اللوائح التنفيذية للقانون رقم (32) الملزم للتعليم الأساسي، بالاضافة الى عدم وجود وسائل نقل تساعد العاملين على التحري عن الأطفال المتسربين.. ذلك الاستنتاج ذكرني بقصة البيضة والدجاجة والدائرة المغلقة التي لا بداية لها ولا نهاية.
فاذا كانت المديرية نفسها تشكو من عدم تفسير القانون، وأن اللوائح التفسيرية لم تصدر لأسباب غير معروفة! ربما لعدم وجود وسائل نقل تساعد مفسري القانون على الوصول الى مكان تفسيره! وإلا فلماذا لم تفسر الى الآن؟ وما هي العوائق التي تمنع ذلك؟! ما يهمنا الآن أن هنالك أطفالاً يتسربون من المدارس. وهنالك أسباب حقيقية أكبر مما ذكر آنفاً، تتعلق بالمناهج العقيمة، رغم ما تغير فيها، لعدم وجود وسائل توضيحية وتجهيزات مناسبة في المدارس ترغّب الأطفال بالعلم. بالإضافة إلى البناء المدرسي الذي أفاض وزير التربية في أحد لقاءاته بالشرح عن "المستوى الرائع الذي ستصل اليه تلك الأبنية من ساحات واسعة وأشجار كثيفة وأماكن للعب وغرف مهوية وأسوار دون حديد"!! لكن، على أرض الواقع، ما زالت المدارس كما هي: أماكن يفزع الأطفال والكبار من دخولها! ولا يمكن تجاهل الأسباب الأخرى التي لا تتعلق بوزارة التربية فقط، إنما بالواقع المعاش: كالفقر والبطالة وعدم الثقة بأهمية التعليم نظرياً وعملياً. يبدو أنه لا بد من الذكر أن اتفاقية حقوق الطفل وضعت في بنودها الاهتمام بالتعليم، وتوفير الوسائل الايضاحية، دون إهمال جوانب الترفيه لبناء شخصية الطفل وحماية حقه في أن يعيش طفوله سعيدة. وهذه الاتفاقية كانت عهدا على موقعيه، وبضمنهم سورية. ولسنا بحاجة إلى برهان أن مستقبل المجتمع كله متوقف على عمليتي التربية والتعليم اللتين يقع عليهما عاتق التغيير والتجديد.. فهما القاعدة التي تتأسس عليها المجتمعات. لننتهي من قصص البيضة والدجاجة والمماطلة والهروب من المسؤولية. الكل معني والكل مسؤول.. وأطفالنا لن ينتظروا قراراتنا.. إنهم يكبرون.. والمستقبل يفر من بين أيدينا.