وإذا! حتى متى ستبقى بلدنا تئن تحت وطأة قانون العار الهمجي الذي يسمح للقتلة بأن يمارسوا همجيتهم ويقتلوا النساء السوريات، على مرأى ومسمع وتأييد من الحكومة السورية التي ما زالت ترفض أن تزيل من قانون العقوبات السوري وصمة العار المرسومة على جبين كل مواطن ومواطنة سورية؟! حتى متى سنبقى ندفن النساء السوريات المقتولات؟
هل سنبقى ننتظر أن يقتنع وزير العدل ان هذا القتل يضرب في صميم اسم وزارته ومعناها ووجودها؟ هل ننتظر مجلس الشعب ان يقف وقفة واحدة، برجاله ونسائه، ويمسح عن جبينه عار صمته المعيب تجاه هذا القتل الآثم؟! ننتظر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل أن تطالها السكين حتى تعرف أن 200 امرأة يقتلن سنويا في سورية هو "رقم مهم"، وليس كما تقول: "وماذا تشكل 200 امرأة من أصل النساء السوريات"؟! وإلى متى سنبقى ننتظر رجالا متسربلين بذكورتهم المخفية تحت العباءات الدينية ويروجون أن هذا "القتل" مباح في الإسلام، دون أن يعوا (أو هم يعون جيدا) ان ذلك يعني أن "الإسلام دين قتل النساء"؟!
نتظر من؟ بل ماذا تنتظرون؟ ألا تكفيكم كل هذه الدماء؟ أما شبعتم بعد من تغسيل وجوهكم صباح ومساء بدمائهن؟! بل وإلى متى سيبقى "البعض" صامتا عن جرائم القتل التي تحدث أمام عينيه؟ "خائفا" من ردود فعل القتلة؟! هل نسيتم أن الساكت على الحق شيطان أخرس؟ هل نسيتم أنكم بذلك تساهمون في هذه الجريمة مساهمة القاتل المباشر، والقتلة المحرضين والمخططين؟!
صبيتين "جديدتين" أعدمتا قبل ايام على مذبح شرف "الرقة"! صبيتان رغبتا أن تقررا مصير حياتهما بأنفسهما، وليس بسطوة الذكور، فلاقتا مصير زميلاتها اللواتي قضين قبلها على سكين العار والإثم نفسه؟!
"سفانة" و"جمانة"، لم تتجاوزا بعد السابعة والعشرين من عمرهما. غادرتا الرقة بحثا عن دراسة وحياة وعمل. بحثا عن مستقبل أفضل. لكن: أي مستقبل هذا الذي تحلم به امرأة سورية تعيش في ظل المادتين 192 و548 من قانون العقوبات السوري؟ في ظل حكومة صامتة تتفرج كموافقة علنية صريحة على قتلها بأبشع طقوس القتل المتكرر على مساحة الوطن؟!
أعيدت الفتاتان إلى بيت أهلهما بقوة الشرطة والوساطات التي تفعل كل شيء في بلدي، حتى جرّ النساء إلى القتل! وكأن الشرطة لا تعرف أن توقيع الأهل "تعهدا" بعدم إيذاءهما ليس إلا ذرا للرماد في العيون؟ بلى إنها تعرف؟ وبمعرفتها تلك هي تتواطئ مع القتلة حين تقبل بورقة لا تساوي قيمتها قيمة الحبر الذي توقع فيه!
"زعيم كبير" في العشيرة وضع الفتاتين في عهدته. لكن ذلك أيضا لم يعن شيئا. فالسكين تشحذ، والضحية غافلة عن يومها الأحمر القادم.. كما لم يعن شيئا أن الطبيب الشرعي كان قد أكد في تقريره أنهما عذراوان (وهو ما تم تثبيته أيضا في تقرير الطبيب الشرعي إثر القتل، فأنهما قتلتا عذراوين)!
تضاربت الروايات، بين أن أخا يعمل خارج القطر تم استدعاؤه، بعد ترتيب الخطة كما يحدث دائما، لينفذ القتل، ومن ثم ترمى على كاهل اخ أصغر (15 سنة) هو من سيسلم نفسه للشرطة مستفيدا من أنه "حدث"، إضافة إلى مواد العار تلك! وبين أن الحدث نفسه هو من قتل فعلا! ويقول البعض أن أحدا ما "عيّر" الأخ باختيه، فسارع إلى قتلهما.. وفي ظل تكتم شامل من الأهل والمنطقة والشرطة لم نستطع معرفة الحقيقة الدقيقة. لكنها لم تعد مهمة بعد أن أفرغت الرصاصات في راس كل من "سفانة" و"جمانة".. ضامة إياهما إلى حيث نساء كثيرات لا يعدين: هدى وزهرة ودرداء... اللواتي ما زال دمهن، وسيبقى، فوارا حتى تخرج الحكومة السورية، ومجلس الشعب، والمجتمع السوري برمته من دائرة القتل الهمجي هذا..!
نعم، حان الوقت لتغسلوا العار عن أياديكم جميعا، العار الذي ما بعده عار، عاركم وأنتم تساهمون في هذا القتل عبر صمتكم وإنكاركم، عداكم عن التأييد العلني لبعضكم.. حان الوقت لتمسح المادة 548 من القانون السوري إلى غير رجعة (تمسح، لا ان تعدل ولا أن يجري إعادة صياغتها، كما يحاول البعض، بهدف "تلطيف" الهمجية التي تحميها!) حان الوقت ليعاقب كل قاض يستخدم المادة 192 لحماية قتلة النساء السوريات! حان الوقت لإدراج المحرضين والمخططين، حتى إن كان الأب أو الأخ أو زعيم عشيرة أو رجل دين.. لإدراجهم جميعا كقتلة شركاء في الجريمة.. حان الوقت لنخرج من همجيتنا الحيوانية، حيث القصاص من حق الحيوان الفرد، إلى رحاب الإنسانية، حيث القصاص هو فقط قصاص الدولة، وحيث قصاص الدولة يقوم على أساس حقوق الإنسان.
- (بمشاركة من القتلة المتخفين تحت ستار الدين والقانون: صبيتين جديدتين ضحيتين للهمجية باسم الشرف!)