كنا قد نشرنا سابقا ان هناك أخبار باحتمال أن تكون رئاسة مجلس الوزراء قد رفضت مشروع القانون المسمى "قانون الأحوال الشخصية"، والذي يعد سابقة خطيرة في انتهاك الدستور والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي وقعت عليها سورية، كما يعد صيغة صريحة لتفتيت سورية طائفيا ودينيا، عبر اعتماد أكثر الأفكار والرؤى ظلامية ومعادية للإنسان.
وقد تبين لاحقا أن هذه الأخبار غير صحيحة نهائيا. فرئاسة مجلس الوزراء قد اعتمدت هذا المشروع الظلامي، بل وعممته على الوزرات والهيئات الرسمية السورية لإبداء الرأي، مع إشارات إلى أن المطلوب هو الرد خلال أقل من شهر، مع وضع الملاحظات "إن وجدت"! وهذا ما يدل دلالة واضحة أن رئاسة مجلس الوزراء، واللجنة التي صاغت هذا القانون الظلامي، تعرف جيدا أية جريمة ترتكب بحق كل رجل وامرأة وطفل في سورية، عبر قنونة هذه الرؤى في قانون، وبالتالي فإنها ترغب بأن "تنجز" عملها بأقصى سرعة ممكنة، وقبل أن يتسنى للناس أن تعرف ما الذي يطبخ لها فعلا، وأي مستقبل أسود ينتظرهم مع إقرار هذا القانون، وخاصة المرأة التي جعلها هذا القانون "خادمة متعة" للرجل، مع أنه هو نفسه (أي مشروع القانون الظلامي) قد حط من قيمة الرجل أيضا إلى درجة حوله فيها من رجل، إلى "تاجر متعة"، وقزم ديكتاتور على زوجته وأولاده.
إننا نكرر رفضنا المطلق لهذا المشروع جملة وتفصيلا (وهو ما سنأتي سريعا على تناوله لفضح أي تخلف وانحطاط يرسم لنا في السر!)، فإننا نؤكد أن انتماء السوريين والسوريات هو فقط لوطنهم سورية، وأن أي تمييز بينهم على أساس الطائفة والدين، كما على أساس الجنس، هو تعد سافر على حقوقهم المصانة في الدستور، ولا يجوز إقراره بأي حال من الأحوال، ليس لانتهاكه الدستور وحسب، بل أيضا لانتهاكه الصريح لكافة الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها سورية، وصارت ملزمة، بتوقيعها، أن لا تصدر أي قانون جديد يتعارض معها، بل هي ملزمة بتغيير القوانين بما يتلائم مع انضمامها إلى تلك الاتفاقيات والبروتوكولات.
والواقع أن هذا المشروع يفتح تساؤلا صريحا وواضحا، وإن كان صادما: كيف لكم أن تقولوا أن أديانكم هي أديان "حب ومحبة وتسامح وكرامة.."، ثم تقولون أن هذه الأديان نفسها هي من يأمركم بقنونة كل هذا العنف والتمييز والتمزيق لحياة البشر؟! هاتان مقولتان لا تجتمعان: فإما أن الأولى صحيحة، وبالتالي فلا مناص من رفض أي تمييز على أي أساسا كان، أو انها "أديان عنف وتمييز وتفرقة" وبالتالي يصير مثل هذا المشروع "مبررا" ومنسجما مع قناعاتكم الدينية.
ولا يفوتنا هنا أن نشير إلى العديد من رجال الدين يختلفون كليا مع هذه الرؤى الظلامية المدمرة، وهؤلاء هم خير معبر عن جوهر الأديان التي هي أصلا لخدمة الإنسان وتطوره ورقيه، وليست لاستعباده وإذلاله وتفتيته وتدميره..
بسام القاضي، افتتاحية نساء سورية، (مشروع قانون الحط من المرأة والطفل، وتفتيت سورية، معتمد من قبل رئاسة مجلس الوزراء!)