قبل ساعات فقط كنا نشرنا مادة عن "غضب وانزعاج" رئاسة مجلس الوزراء من دخول الصحافة الرسمية إلى نقاش مشروع تفتيت سورية وإقامة دويلات الطوائف واحتقار المرأة واغتصاب الطفلات، المسمى "مشروع الأحوال الشخصية".. إلا أن رئاسة المجلس، التي رأت بأم العين كيف أن الإعلاميين والإعلاميات السوريين، في الإعلام الرسمي كما في غيره، تملأهن/م الغيرة على بلدهن/م وحياته وتطوره ومستقبله، تعرف حق المعرفة أن الإعلام هو الوحيد الذي استطاع أن يكشف هذه المؤامرة على سورية وكيانها ومستقبلها، وهو الوحيد القادر على إظهار تفاصيل هذه المؤامرة عبر تسليط الضوء على كافة محاور وخلفيات هذا المشروع الظلامي، عبرت اليوم عن موقفها بأبلغ ما يمكن من الوضوح، عبر تعميم صادر عن رئاسة مجلس الوزراء إلى الإعلام الرسمي السوري بكافة قنواته ووسائله، بعدم التطرق إلى المشروع نهائيا!
وبناء عليه، تم إلغاء العديد من مشاريع الورشات والندوات التي سعى إعلاميون وإعلاميات حريصون على وطنهم وبلدهم وأسرهم، حريصون على أرضهم وشعبهم ودولتهم! وتم دفع الإعلام الرسمي السوري مرة أخرى إلى "خانة اليك"، عبر إظهاره كما لو كان غير معني بأهم ما تتعرض له سورية اليوم من محاولات تخريب. فجميع محاولات التخريب الأخرى كانت صريحة وواضحة، أما هذه المحاولة، فهي مستبطنة من الداخل نفسه! وبالتالي فهي أخطر بعشرات المرات من أي مؤامرة أخرى.
بالطبع، هذا مفهوم. التطرق إلى المشروع في الإعلام الرسمي السوري يعني المزيد من الفضائح للمؤامرة التي حيكت عبر سنتين من عمل لجنة سرية، أتقنت عملها إلى حد أن تعديل هذا المشروع بنسبة 80 % سوف لن يغير إطلاقا من جوهره الظلامي الحاقد على سورية والحياة!
والتطرق إلى المؤامرة وفضحها في الإعلام السوري يعني المزيد من الإحراج لرئاسة مجلس الوزراء التي مررت المشروع، ولم تقم حتى الآن لا بإعلان إلغائه، ولا بإعلان أسماء لجنة المؤامرة، ولا بالاعتذار من الشعب السوري الذي وضع على حافة الهاوية بمشروع لا هم له سوى إذكاء النعرات الطائفية، وتحقير النساء، وتشريع اغتصاب الطفلات!
إننا، في "نساء سورية"، نعلن احترامنا وتقديرنا الشديدين لكل الجهود الجبارة التي بذلها العديد من الإعلاميين والإعلاميات في التلفزيون السوري بقنواته، بضمن ذلك الكادر الخفي خلف الكاميرات والمايكروفون، وفي باقي وسائل الإعلام السوري الرسمي المختلفة، والتي هدفت إلى المشاركة الفعالة في فضح المشروع- المؤامرة الذي يطال حياتهم وحياة أسرهم ومجتمعهم ووطنهم. ونؤكد أننا نعرف حق المعرفة كيف يعملون في ظروف بالغة الصعوبة، خاصة في مثل هذه القضايا الحساسة.
وفي الوقت نفسه، نعلن احتجاجنا الشديد على تعميم رئاسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص، ونطالبها بإلغاء التعميم فورا، وفتح أبواب الإعلام السوري على مصراعيه لفضح المشروع – المؤامرة، والدفاع عن حق حياة الناس وحياة مستقبلهم، والدفاع عن وطنهم وأهلهم بوجه من يحاول جرهم إلى مستنقع الحقد والانحطاط والهمجية التي تشكل أساس إمارات الطوائف وإقطاعيي الدين الذين لا هم لهم سوى تسخير الدين لخدمة مصالحهم وسيادتهم المطلقة على البشر، حتى لو اضطروا لتحويل الدين إلى عقيدة عنصرية إرهابية كما فعلوا في المشروع – المؤامرة. كما أن هذا التعميم يطرح التساؤل المشروع: لمصلحة من إغلاق الإعلام الرسمي السوري، بكل إمكانياته، أمام فضح هذا المشروع؟؟!!
إن أي محاولة للعب بمصير سورية الحديثة هي محاولة محكومة بالفشل حكما. بما في ذلك الادعاءات ونشر الإشاعات حول تشكيل لجنة معدلة، أو تعديل المشروع، أو تجميده.. فهي جميعا ليست إلا مناورات مكشوفة للالتفاف على الرفض التام لمشروع تفتيت سورية، وعلى الغضب الشديد الذي يعتري كل رجال ونساء وأطفال سورية، بكل ألوانهم وخلفياتهم، من هذا المشروع- المؤامرة ومن ساهم فيه..
ولن ننسى، ولن نتوقف عن المطالبة المباشرة لرئاسة مجلس الوزراء بتحمل مسؤوليتها التاريخية فورا وبدون أي تلكؤ أو تقصير، وذلك عبر:
1- الإعلان في وسائل الإعلام السورية عن إلغاء تام لهذا المشروع.
2- الإعلان في وسائل الإعلام السورية عن أسماء أعضاء اللجنة التي قامت بإعداد هذا المشروع، وحلها، وحظر أي من أعضائها من المشاركة في نقاش أي قانون في سورية بعد اليوم، كما حرمانهم من أي منصب أو مسؤولية فيها أي نوع من التأثير على الناس، بما في ذلك التدريس في الجامعات والمدارس، إمامة المساجد، إلقاء الخطب.
3- الإعلان في وسائل الإعلام السورية عن تكليف الهيئة السورية لشؤون الأسرة (وهي بمثابة وزارة، وهي الجهة التي ينص قانون تأسيسها على أن من أولى مهامها دراسة كل ما يتعلق بالأسرة السورية وتقديم مقترحات لتطويرها)، والاتحاد العام النسائي، بمشاركة الجمعيات والمنظمات العاملة في قضايا المجتمع المختلفة، بإعداد مشروع قانون جديد، مع ترك الحرية المطلقة للهيئة في اختيار الكادر الملائم لإعداد مشروع قانون جديد، شرط أن لا يتضمن في عضويته أيا من أعضاء اللجنة الظلامية تلك.
4- الاعتذار علنا من الشعب السوري عن البلبلة والإثارة الطائفية التي تسبب بها هذا المشروع.
وبكل فخر، نوجه من منبرنا المتواضع هذا، تحية خاصة مليئة بالاحترام والتقدير لكل من يساهم في فضح هذا الحقد الطائفي الظلامي الأعمى، من رجال ونساء دين، وحقوقيين/ات، وإعلاميين/ات، ومواطنين/ات.. وأيضا لبعض المسؤولين/ات الذين عرفوا جيدا أي مخطط أسود يتم رسمه تحت مسمى "الأحوال الشخصية"، ويعملون بكل جهد على إنقاذ سورية من مثل هذا المصير..
وندعو جميع الزملاء والزميلات، أيا كانت مواقعهم ووسائلهم الإعلامية، أن يبذلوا كل الجهود الممكنة من أجل جعل مثل هذا الحصار الإعلامي مجرد حبر على ورق، وخاصة عبر نشر كافة أخبار الحملة المناهضة لمشروع أمراء الطوائف في كل مكان، وبجميع الأشكال الممكنة. فهذا بلدنا، والمستقبل مستقبلنا، ولن نسمح لمن يريد جر سورية إلى التفتيت والانحطاط أن ينفذ مشروعه الأسود.
بسام القاضي، افتتاحية نساء سورية، (احتجاجا علني على رئاسة مجلس الوزراء: كفوا عن خنق الإعلام الرسمي السوري! فالوطن وطنه أيضا!)