واضح تماما أن أصحاب المشروع الظلامي لتفتيت سورية وتحقير النساء واغتصاب الطفلات قد خسروا معركتهم السوداء مع سورية ماضيا وحاضرا ومستقبلا. فقد سقط أبشع سقوط مشروعهم ذاك دون أن يجد من يجرؤ على الدفاع عنه حتى بكلمة واحدة. ولكنهم، ككل المتآمرين، لا يفتئون يبحثون عن أية زاوية يمكنهم التسلل منها مجددا لإحياء مشروعهم البائد.
وأولئك يثبتون اليوم مرة أخرى أنهم ليسوا متآمرين فحسب، بل هم جبناء أيضا. فلم يجرؤوا على أن يكشفوا وجوههم الحقيقية، وأسماءهم وصفاتهم الحقيقية، وينطقوا بألسنتهم الحقيقية، فما كان منهم إلا استغلال إحدى أضعف الحلقات في الحكومة السورية: الهيئة السورية لشؤون الأسرة، فأجبروها على أن ترسل ردا على افتتاحيتنا بعد شهر كامل من نشر الافتتاحية!!! رد يتناقض مع الموقف الحقيقي الموثق للهيئة التي قاتلت بأسنانها وأظافرها ضد ذلك المشروع الأسود، ودفعت ثمنا باهظا لم ينته بعد، فطرد الخبراء الخمسة لم يكن إلا بداية، وها هم يحاولون اليوم أن يضربوا إسفينا في سمعة الهيئة من جهة، وبين الهيئة وشركائها الموضوعيين من أجل مجتمع خال من العنف والتمييز بكافة أشكالهما وأسمائهما.
لذلك، سنبدأ بوضع النقاط على الحروف مباشرة.
1- إننا في "مرصد نساء سورية" نبرئ الهيئة السورية لشؤون الأسرة براءة كاملة من هذا الرد الوقح، رغم توقيع مكتبها الصحفي عليه. ونؤكد لكل من يعمل فيها، وفي كل مكان من سورية، أننا سنبقى شركاء في أهدافنا ومسارنا مهما حاول الظلاميون أن يتلاعبوا ويتآمروا. وبالتالي، ورغم صد محاولاتنا المتكررة لدفع الهيئة أن تتدارك هذا الرد (أنظر المرفقات أدناه)، فإننا نؤكد أن كل كلمة في تعقيبنا هذا هي موجهة لأولئك الذين لم يجرؤوا، ولن يجرؤوا على أن يكتبوا بأسمائهم الصريحة والمعروفة!
2- لن نتعاطى مع وقاحة الرد وسخافته واتهاماته الممجوجة والكريهة لـ"نساء سورية". فمرصد نساء سورية ليس بحاجة لشهادة أحد غير عشرات آلاف الرجال والنساء في سورية الذين هن/م من صنعوه ورفعوه في أشد الظروف صعوبة، وليس أي أحد آخر. هؤلاء وحدهم من يحق لهم أن يقيموا عمل "نساء سورية"، ويضعوا الملاحظات على عمله وأفكاره. وليس أولئك الذين صار "نساء سورية" كابوسا لن يزيح عن صدورهم المتآمرة.
3- إن أصحاب هذا الرد هم أنفسهم من صنعوا المشروع الظلامي التكفيري الذي شرّع انتهاك قدسية الزواج، وحق فسخه لأي كان، وحق التشكيك بنسب أي طفل من قبل أي كان، وحرم المرأة من أي حق، وحولها إلى جارية ومحظية، وشرع اغتصاب الطفلات، ووضع الطوائف والأديان جميعا بعضها في مواجهة بعض..
بدلالة أنهم يكررون في هذا الرد جملهم المعروفة التي سمعناها طوال فترة مواجهة المشروع من أنه "ورقة قانون" وأنه "مشروعا للدولة"، وأنه "يدعم المرأة والطفولة"، وأنه "يوحد الناس".. إلى آخر هذه التلفيقات التي حاولت أن تخفي حقيقة همجية وتخلف هذا المشروع، وحقيقة أنه لا هدف له سوى الانقلاب على الدولة السورية عبر كسر أهم أسسها، أي قيامها على أساس دستور يخاطب مواطنين ومواطنات، بإرجاع الناس إلى انتماءاتهم الطائفية، وتحويل تلك الانتماءات الطائفية إلى عصبيات مقيتة، بهدف إقامة إمارات الطوائف، حيث يمكن لكل مهووس أن يطلق العنان لهوسه الجنسي والسلطوي.
4- نحن نتحدى كل من له علاقة بمؤامرة مشروع الأحوال الشخصية، من رئاسة مجلس الوزراء، مرورا بوزارتي العدل والأوقاف، وليس انتهاء باللوبي المتشدد الذي يدعي زورا وبهتانا أنه "إسلامي".. أن تكشف كافة الوثائق والمعلومات حول المشروع الأسود، بدئا من "رأس الفتنة فيه" الذي علاه الغبار، إلى أسماء أعضاء اللجنة السرية وصفاتهم، إلى وثائق الهيئة السورية المتعلقة بعقدها مع "المانحين" وتفاصيل عقودها مع الخبراء، ورسالة التوقف عن دفع الرواتب والمراسلات الداخلية، والتدخلات المشبوهة التي تعرضت لها، وحتى صياغة القرار النهائي.. وخاصة محاضر وزارتي العدل والأوقاف، ورئاسة مجلس الوزراء، المتعلقة بكافة النقاشات التي دارت حول المشروع الأسود. بل أيضا أن تكشف حقيقة النقاشات التي دارت في ملتقى حزب البعث الذي عقد في مبنى فرع حزب البعث بدمشق، وليس الاختباء خلف ثلاثة أسطر هي كل ما نشرته سانا عن النقاش العاصف الذي دار، والأمر نفسه مع جلسة مجلس الشعب التي خرجت علينا بقول لرئيس مجلس الشعب أن المشروع بات "نسيا منسيا"، وجلسة اليوم التالي التي أعاد فيها رئيس مجلس الوزراء التأكيد أن "العمل جار" في المشروع.
فإذا كان هناك من يجرؤ على كشف هذه الوثائق، ليتفضل حينها فيكذبنا. أما ما دون ذلك، فمناوراتكم مردودة عليكم.
وبالتالي، فإننا نؤكد أن كل حرف كتبناه هو صحيح 100% من ناحية المعلومات. فيما يؤكد هذا الرد الحاقد صحة تحليلنا أن طرد الخبراء لم يكن إلا عقوبة للهيئة السورية التي عملت بقوة (ضمن خصوصية وضعها كجزء من الحكومة) ضد هذا المشروع الأسود، وكان لها دورا شريكا في النتيجة المشرفة بإعلان رفضه "شكلا ومضمونا"، كخطوة أولى على طريق إسقاط هذا الفكر من أي مكان مؤثر أو على علاقة بالشأن العام.
واختصارا لكل ما يمكن أن يقال، نقول لمن صاغ هذا الرد وألصقه بالهيئة السورية لشؤون الأسرة، بهدف تدمير سمعة الهيئة، ودق إسفين بينها وبين المجتمع المدني الذي شكلت معه شراكة مميزة ضد المشروع، نقول لهم: خسئت محاولاتكم. إن الأيادي السوداء في هذا الوطن هي أقل من إبرة في كون من القش، وهي أياديكم حصرا. أياديكم التي صنعت المؤامرة عبر أكثر من أربع سنوات، لم تشكل السنتان اللتان أمضيتا في الصياغة إلا بعضها، ونعرف أن محاولاتكم مستمرة، ونعرف أنها محكومة بالفشل المطلق.
ومهما تلونتم وتآمرتم سوف تجدون السوريين والسوريات جميعا، من جميع الأديان والعقائد والطوائف والمرجعيات.. يقفون صفا واحدا ليقولوا لكم: ليس لمؤامراتكم مكان هنا.
ولا بد أن نوجه رسالة علنية للهيئة السورية لشؤون الأسرة قبل أن نختم: حان الوقت لتتخلوا عن خوفكم من هؤلاء. إنهم مجرد أشباح جوفاء تطبل وتزمر، ولكنها لا تعيش إلا في الظلام. وحين تسلطون ضوء الشمس عليها سوف ترون بأم أعينكم كيف تهرع إلى جحورها قبل أن يلاشيها النور، تماما مثلما فعلت حين سلط ضوء الحق عليها وهي تحاول أن تدمر بلدنا تحت مسمى المشروع الأسود. فلا تسمحوا لهم مرة أخرى أن يلعبوا هذه اللعبة القذرة. إن كرامتكم كهيئة، وكرامة كل شخص فيكم تفرض عليكم أن لا تبيعوا قضية الهيئة ومبرر وجودها بأي ثمن كان، مهما كانت النتائج، فكيف بحفنة من الفضة؟!
*- قبل أن ننشر رد المذيل بتوقيع المكتب الصحفي للهيئة السورية لشؤون الأسرة، حاولنا أن نثني المكتب عن قبول لغة هذا الرد، وذلك عبر إميل وفاكس يوضحان الهدف والمعنى من هذا الرد، لكن للأسف لم نتلق سوى تأكيدا من المكتب الصحفي بالرغبة بنشر الرد كما هو.