لم تكن الخطوة التي أعلن عنها الزميل إياد شربجي، رئيس تحرير مجلة "شبابلك" الشهرية، مفاجئة تماما، وإن كان إخراج هذه الخطوة كان مفاجئا إلى حد بعيد، وربما أثار بعض الاستياء أيضا.
فقد أعلن الزميل إياد، في نهاية مهرجان "شبابلك" السنوي، قراره بإيقاف صدور مجلة "شبابلك" احتجاجا على "المضايقات التي تتعرض لها المجلة"، والتي تجلت بإيقاف صدور أعداد المجلة عدة مرات، كان آخرها إيقاف العدد الحالي الذي يتضمن ملفا حول الإعلام المطبوع في سورية. وهو الأمر الذي تكرر مع مطبوعات أخرى.
في الواقع إن المضايقات التي تصل حد إيقاف الأعداد أكبر بكثير مما يصل إلى الإعلام وينكشف. فالعديد من المجلات والجرائد يتم إيقافها، ويسعى القائمون عليها إلى "حل" المشكلة بالطرق الملتوية عبر الواسطات! ويحرصون على عدم معرفة الآخرين بما يجري. إضافة إلى سلسلة المضايقات من أنواع مختلفة، وقانون المطبوعات سيء الصيت، والقرارات المختلفة الرسمية التي تحجب المعلومة عن الإعلاميين/ات وتضعهم في موقف حرج تجاه عملهم الإعلامي.
إيقاف المجلات، ومنع توزيعها، والتضييق عليها، وحجب المعلومات، وقانون المطبوعات.. كلها عقبات أساسية تمنع الإعلام السوري المطبوع من تطوير أدواته وإمكانياته. وتمنعه من أن يحقق مكانته التي يستحقها. وتشكل إحدى أهم أسباب تراجع القراءة في سورية الذي يشكو منه المسؤولون قبل غيرهم، ولكنهم يعملون على تكريسه عبر سلوكهم اليومي المعادي للإعلام.
وهي عقبات أدت، فيما أدت إليه، إلى خسارات فادحة مالية للمجلات والجرائد التي تم إيقافها.
من هنا فإن موقف مجلة "شبابلك" الاحتجاجي هو موقف مفهوم تماما. ونعلن نحن في "نساء سورية" تضامننا التام مع المجلة بوجه المضايقات التي تعرضت لها. خاصة أنه مجلة عملت دائما على تناول قضايا المجتمع السوري بالكثير من المهنية والمصداقية. كما ندين أي منع للمجلات أو الجرائد من التوزيع لأي سبب كان. فحرية الإعلام شرط أساسي لوجوده أصلا.
إلا أن ذلك لا يعفي الزميل إياد، صاحب ورئيس تحرير المجلة، من العتب الشديد عليه للأسلوب الذي أعلن به الخبر. إذ فوجئ الجميع به، بمن فيهم "كادر" المجلة. ولم يعرف أحد بما هو مقرر حتى ممن يعملون في شبابلك التي تقول أصلا أنها مجلة الشباب. وكان الأحرى أن يكون لهذا الكادر المتميز في المجلة رأي على الأقل فيما سيجري. أو على الأقل معرفة بما سيجري. والأمر نفسه ينطبق على من العديد من الجهات والأشخاص الذين اعتبروا شبابلك مشروعا ناجحا يستحق الدعم. فهؤلاء لهم بعض الحق في أن يكون لهم رأي في قرار يمس حياة المجلة ووجودها.
ومن جهة أخرى، فربما لم يكن هذا القرار الذي أعلن عنه الزميل إياد هو القرار الصائب. إذ يجدر لفت نظر الزميل إياد إلى أن قانون المطبوعات يعطي وزارة الإعلام حجة قانونية بإلغاء الترخيص في حال لم تصدر مطبوعة ما خلال فترة محددة. وهو الخطأ الذي سبق أن ارتكب من قبل جريدة "الدومري" وأدى إلى إلغاء ترخيصها. طبعا بافتراض أن قرار الإيقاف هو فعلا قرار احتجاجي، وليس قرارا بإغلاق المجلة!
حجب المعلومات، والتضييق على الإعلاميين، ومنع المجلات والجرائد.. هي سياسة لوزارة الإعلام بات يعرفها القاصي والداني. سياسة لا تؤدي إلا إلى دفع سورية إلى المزيد من التدهور في سلم التقييم للأداء الإعلامي والحريات الصحفية. في الوقت الذي يثبت إعلاميوها قدراتهم وإمكانياتهم المهنية في كل مكان بعيد عن سياسة هذه الوزارة.
لذلك نعلن تضامننا التام مع مجلة "شبابلك"، كما مع كل الصحف والمطبوعات السورية التي باتت تعاني الأمرين حتى تتمكن من أداء عملها بأصعب الظروف. ونأمل أن يراجع الزميل إياد قراره بإيقاف المجلة، وأن يعود إلى إصدارها، ويبحث عن آليات ووسائل أخرى للاحتجاج على ما تعرضت له المجلة من مضايقات.