منذ سنوات بدأ غزو الظلاميين/ات إلى المجتمع السوري تحت تأثيرات مختلفة، ليس بينها إطلاقا لا تاريخ ولا ثقافة سورية التي كانت دائما بعيدة عن التطرف، خاصة أشكاله التي تلغي الإنسان كليا وتحوله إلى عبدا لتصورات مريضة بكل معنى الكلمة.
ووصل الغزو فعليا إلى مواقع مهمة، منها وزارة التربية حيث دخلت العاريات المسميات بـ"المنقبات" (راجع/ي الافتتاحية..) ليبثثن أفكارهن ومظهرهن المتطرف أمام الطلاب والطالبات بأعمار مختلفة، خاصة الصغار منهم! وحولت هؤلاء الدروس إلى حصص ظلامية بمجرد وجودهن "منقبات"! فسواء خلعن النقاب حين يدخلن المدارس (كما تفعل بعضهن)، أو أبقينهن داخلها، هن يروجن الفكر الظلامي المستورد إلى سورية والقائم على إلغاء الإنسان لصالح استعباده وإلغاء شخصية وهويته!
بل إن هذا الغزو بات مرئيا بوضوح حتى في قطاع التعليم العالي، فليسوا قلة من "دكاترة" الجامعة من يروجون على مرأى العين ومسمع الأذن أفكارا مريضة! بل إن بعضهم امتلك من الوقاحة ما يكفي لكي يروج أمام طلابه أن شيئا لن يحدث في سورية ما لم "يمر من تحت موافقتهم" كما لو كانوا هم الدولة! أو كانوا دولة داخل الدولة! فيما يدعون صراحة إلى "إخراج" من لا تعجبه سلطتهم القروسطية من سورية!
في مواجهة ذلك استيقظت أخيرا وزارة التربية في سورية لتقوم بنقل جميع المنقبات إلى خارج ملاك وزارة التربية. هذا الإجراء تسبب ببعض ردود الفعل "خارج سورية" من قبل من يريد أن يستغل كل شيء لمصلحة آرائه المسبقة، بغض النظر عن طبيعة الإجراء وأهدافه.
إننا في مرصد نساء سورية إذ ندعم بشدة هذا التوجه من وزارة التربية، نؤكد على ضرورة إخراج التطرف من كافة أوجه الحياة العامة، بما في ذلك الجامعات التي يقوم بعض دكاترتها على إجبار الطلاب على مواضيع معينة في رسائل تخرجهم، أو على تجنب مواضيع أخرى تحت طائلة الرسوب ورفض المشروع! وبما في ذلك أيضا بعض الإذاعات التي ادعت أنها "نضالية" وتحولت إلى مرتع للأصولية والتطرف تبثه كل يوم.. كما نؤكد على أن يكون هذا التوجه علنيا وواضحا، فهو صحيح ويساهم جديا في إنقاذ سورية من التطرف الأصولي الذي يأتيها من أطراف وجهات مختلفة خارج سورية يجد في الأزمات التي تعيشها مرتعا خصبا له!
ومن جهة أخرى، يؤكد مرصد نساء سورية أن "متاجرة" البعض بهذا الموضوع تحت اسم "الدين"، خاصة "خارج" سورية، هي متاجرة رخيصة ومفضوحة. فتعرية النساء عبر إلغاء وجوهن بـ"النقاب" هو سلوك ذكوري محض لا علاقة له بإسلام ولا بمسيحية ولا بأية عقيدة سامية. كما أنه ليس "حرية شخصية" بأي معنى من المعاني. ومحاولة البعض البائسة لجعله "دينيا" عبر تفسيرات غريبة لا تقل تزويرا وتزييفا وانحطاطا عن تفسيرات مثل "فتوى إرضاع الكبير"، هي محاولات لا تفعل سوى أن تظهر النوايا الحقيقية لهؤلاء الظلاميين في تحويل سورية -التي نجحت دائما ليس في تجنب الانحطاط فحسب، بل أيضا في المضي قدما، وإن ببطء وصعوبة- إلى دويلات طوائف يجدون فيه مكانا ليمارسوا أوهامهم بخلافة الله على الأرض.
بسام القاضي، افتتاحية نساء سورية، (نعم لتوجه وزارة التربية بإخراج "العاريات" من التدريس)