في إطار بعض التظاهرات التي تحركت في سورية خلال الأيام الماضية، خرج علينا بعض منقبي العقول من رجال الدين ليطلقوا "مطالب" تظهر بوضوح مدى كراهيتهم للمرأة السورية. فقد خرج رج دين ليصرخ من على منبر في مدينة سورية بأن أحد مطالب "أهالي بانياس" هو "إعادة المنقبات اللواتي كن منذ فجر التاريخ"!
ويبدو أن هذا الشيخ لا يعرف من التاريخ سوى الذكورية التي تحتل عقله وعقل غيره ممن دافع عن أحد أهم أشكال العنف ضد المرأة المسمى "نقابا". فقد أوضحنا أن النقاب هو عنف صريح ضد المرأة لأنه يقول، دون أي لبس، أن مَن داخل هذا النقاب ليست إنسانا، وليست مواطنة، إنما هي كتلة من الإثم والفتنة يجب اتقاؤها بإخفائها إخفاء كليا!
ويعرف الجميع أن انتشار النقاب في سورية خلال السنوات الأخيرة زاد بفعل بعض ممن عاش وتربى في ظل الفكر الوهابي الأصولي، وجاء إلى سورية ليمارس أصوليته تعبيرا عن إخفاقه في تحمل مسؤولياته تجاه نفسه وأسرته ومجتمعه، فلم يجد طريقة لإثبات نفسه سوى المزيد من العنف ضد المرأة.
وهؤلاء أنفسهم هم من يدافعون عن القتل القذر المسمى "جرائم الشرف"، وهم أنفسهم الذين يرفضون المساواة باسم "العدالة والتكامل"، وهي العبارة التي يقصد بها حبس النساء في البيوت، وحرمانهن من ممارسة حياتهن في العمل والتعليم والسفر واختيار الزوج والمشاركة في إدارة الأسرة... وطبعا: حرمانهن من تبوأ أي منصب عام تحت ذرائع تكشف حقيقة احتقارهم للمواطنة نفسها، واعتبارهم المواطنة أمر خاص بـ"الذكور".
وكان رجال دين عدة في سورية قد برهنوا على أن دينهم الخاص هو دين عنف وتمييز واحتقار للنساء، وليس دين إسلام وسلام، وليس دين مسيحية وسمو. فيما أكد رجال دين أخرون انتماءهم الحقيقي إلى جوهر الدين الإسلامي الذي هو، شأنه شأن كل الأديان، وجد ليخدم الإنسان لا ليستعبده. وكل استعباد لأي جزء من الناس هو نقض تام لهذا المعنى.
إننا في مرصد نساء سورية إذا نشير إلى التزام المرصد بالعمل على أهدافه المعلنة منذ تأسيسه في 1/2005، نؤكد أننا سوف نقف في كل لحظة بوجه أية محاولة لاستغلال أية حراك مجتمعي للانقضاض على مكتسبات النساء في سورية، أو لسد الطريق أما تأمين كافة حقوقهن المنتقصة.
وفي هذا الإطار، فإننا سنعمل على فضح كل شعار، وكل خطاب يتضمن أي نوع من الانتقاص من حق النساء السوريات في المساواة التامة في الحقوق والواجبات.
ونؤكد من جديد أن لا حرية ولا ديمقراطية ولا مواطنة دون هذه المساواة. وكل دعوة للحرية أو الديمقراطية أو المواطنة تتضمن انتقاصا من هذه المساواة، بل لا تتضمن بوضوح صريح النص على المساواة في الحقوق والواجبات، هي انتهاك جديد لحقوق الإنسان وللحرية والديمقراطية والمواطنة نفسها. وسوف نعمل ضدها بكافة الوسائل المتاحة مثلما عملنا دائما ضد كل أشكال التمييز والانتقاص من حقوق النساء السوريات.
نساء سورية، افتتاحية مرصد نساء سورية، (المرأة السورية لن تكون ضحيتكم! رسالة إلى راكبي الأمواج)