كان خبر إعلان سورية رفع حالة الطوارئ، وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا، أجمل خبرا سمعه الناس في سورية منذ عقود. فقد حان الوقت لكي يتمتع الناس في سورية بحريتهم وأمنهم معا. فأحدهما يعزز الآخر ويدعمه ويحققه.
وإذ يعلن "مرصد نساء سورية" تأييده لهذا الإجراء، ودعمه للتنفيذ الفوري لمعنى هذين القرارين الهامين، (ضمنا كافة الآثار التي ترتبت على قانون الطوائ ومحكمة أمن الدولة العليا)، فإنه يؤكد على أن هذا لا يعني أن يتخلص من ارتكب عنفا ضد شعبنا خلال الفترة الماضية من العقاب المناسب والعادل في محاكم مدنية علنية عاجلة.
وحين نقول "من ارتكب عنفا" فإننا نقصد بوضوح كل من ارتكب عنفا من قبل أجهزة النظام المختلفة، أو من قبل من تقول أجهزة الدولة أنهم عصابات مسلحة.. فهذه المحاسبة العاجلة لن تتكفل بإغلاق الكثير من الجراح التي فتحت فحسب، بل ستكون كفيلة بتأكيد مطلق أن أحدا لن يكون فوق الحساب حين يمارس عنفا ضد الناس في سورية أيا كانت صفات مرتكبه، وأيا كانت صفات ضحيته..
كما نؤكد على أن المواطنات النساء لسن في "بازار" بين الحكومة وبعض رجال الدين. وبالتالي فإن جميع الحقوق الي اكتسبتها المرأة خلال العقود الماضية هي حقوق أصيلة وثابتة لا تراجع عنها، إضافة إلى ضرورة العمل فورا على تأمين حقوقها المنتقصة، وذلك عبر قانون أسرة وطني لا يتضمن أي نوع من التمييز على أساس الدين أو الجنس، أو قانون العقوبات الذي يجب أن يكون ليس عادلا فقط، بل أيضا مبنيا على أساس حقوق الإنسان بحيث تلغى منه كل العقوبات التي تمس هذه الحقوق، أو قانون الجنسية الذي انتهك حقوق عشرات الآلاف (على الأقل) من النساء السوريات المتزوجات من غير سوري، مثلما انتهك حقوق أبناءهن السوريين/ات حكما، وهو ما يجب أن يعالج فورا وبأثر رجعي أيضا، أو غيرها من المواد التمييزية ضد المرأة السورية.
إن الخطوات التي اتخذت اليوم، تشكل تأكيدا صريحا على مضي الدولة السورية في إصلاح جدي وجذري، ولكنها تحتاج إلى تنفيذ ما تعنيه بأقصى سرعة ممكنة. كما تحتاج إلى تعزيزها بإنهاء كافة الملفات العالقة التي شكلت خلال السنوات الماضية جرحا يجب أن يبلسم، وخاصة كافة تفاصيل الملف الذي تراكم خلال الأسابيع الماضية، بكل جرأة وحزم وشفافية.
وفي الوقت نفسه، فإننا نعيد إدانتنا لكافة وسائل الإعلام التي جيشت الناس خلال الأسابيع الماضية وقسمتهم إلى "موالاة وخونة"، أو "متظاهرين وخونة".. ونطالب بمحاسبة فورية لكل من يستمر بهذه الحملة التحريضية سواء منها من يتلطى خلف عبارات تأييد النظام، مثلما من يتلطى خلف عبارات الحرية..
إن سورية ديمقراطية مدنية لكل مواطن ومواطنة فيها على قدم المساواة، دون أي تمييز على أساس الدين أو القومية أو الجنس أو اللون أو.. هي سورية التي نريدها جميعا، ونعمل على بنائها جميعا، من أجل مستقبل جدير بنا في القرن الواحد والعشرين، ونفخر به لأولادنا وبناتنا..
لنعمل معا من أجل سورية ديمقراطية مدنية لكل من فيها..
افتتاحية مرصد نساء سورية، (أخيرا: لا طوارئ، لا محكمة استثنائية.. نعم لسورية مدنية ديمقراطية لنسائها ورجالها)