كثيرا ما تناول الإعلام السوري موضوع الأخطاء الطبية التي يذهب ضحاياها العديد من السوريات/يين، دون أن يجد هذا الموضوع حلا مناسبا من نقابة الأطباء، المعني الأول بهذا الموضوع، أو من وزارة الصحة، المسؤولة عن كل ما يتعلق بالصحة في سورية.
ورغم محاولة بعض المسؤولين التنصل من المسؤولية عبر الدخول في متاهات ما يعنيه مصطلح "الأخطاء الطبية"، (مع اتفاقنا أن العديد من الناس لا يميزون بين الخطأ العادي والخطأ الطبي)، ما تزال الأخطاء الطبية بمعناها المتضمن عدم انتباه الطبيب، أو إهماله، أو تجاهله.. قائمة وتؤدي إلى المزيد من الضحايا دون أن يكون بإمكانهم فعل شيء. بل عادة ما يلجأ هؤلاء الأطباء إلى استباق رد فعل الضحية بالتشهير بها أو بوضعها في خانة الذي لم يلتزم بتعليماته.
الطبيب "ع. م"، الاختصاصي بالأمراض الجلدية والحساسية في حلب، وصف دواء للسيدة سعاد نعنع، سورية تعمل وتعيش في دولة الإمارات، دون أن يحذرها من مضار هذا الدواء، وربما دون أن يعرف هو ما سيتسبب به هذا الدواء رغم تضمن نشرة الملعومات في العلبة محاذير شديدة ننقل بعضها نقلا عن موقع الشركة المصنعة للدواء نفسه.
اسم الدواء: methoxsalen -exsoral
تقول النشرة الخاصة بالدواء: تحذير: ميثوكسالن هو دواء قوي ويمكن أن ينتج عنه حروق قوية إن تم استخدامه بشكل غير صحيح. لا يجب أن يوزّع هذا العقار على المريض، فالطبيب وحده هو الذي يمكن أن يقدم هذا العقار من خلال ظروف ضوئية خاصة.
الاستخدامات: إن هذا العلاج متعلق بحساسية الضوء هو يستخدم في علاج الصداف والوضح (مرض جلدي يتميز بظهور بقع بيضاء على البشرة). لكي يكون العلاج فعالاً فإنه يُستخدم بشكل متزامن مع العلاج الضوئي فوق البنفسجي.
كيفية الاستخدام: استخدم العقار كما هو محدد. لا تزيد جرعتك أو تزيد عدد جرعاتك. لن يؤدي هذا إلى تسارع العلاج، ولكن قد تزيد الآثار الجانبية. يُستخدم هذا العقار من أجل أذيات جلدية صغيرة ومحددة بشكل واضح. ابقِ الأذيات الجلدية بعيدة عن الضوء من خلال ارتداء لباس مناسب أو باستخدام مستحضرات للوقاية من الشمس. ونتيجة لكون هذا العقار يجعل الجلد حساساً للغاية، تجنب، ولعدة أيام، التعرض للشمس لكي تحول دون التعرض لحروق جلدية بالغة.
الآثار الجانبية: يزيد هذا العقار من الحساسية لضوء الشمس. تجنب التعرض لضوء الشمس والمصباح الشمسي (مصباح كهربائي يرسل الأشعة فوق البنفسجية ويُستخدم في معالجة الأمراض) كما هو منصوص وارتدِ ثياباً حامية وضع مستحضرات للوقاية من الشمس. إن الضرر الذي يصيب العيون والسدّ (إعتام عدسة العين) وسرطان الجلد تعتبر من مخاطر هذا العقار وعلاج الأشعة فوق البنفسجية. احمِ العيون باستخدام النظارات الخاصة أثناء علاج الأشعة فوق البنفسجية. يُسبب هذا العلاج تغييرات في لون الجلد ويمكن أن يحصل ذلك بعد أسابيع قليلة وحتى ما يصل إلى 9 أشهر. يجب أن تعلم طبيبك إن حصلت أي من العوارض التالية: طفح جلدي، تلبك في المعدة، آلام في الرأس والنعاس والعصبية ووجع الفم والبثرات/تقرح، وحبس السوائل والتشنج. إن لاحظت آثاراً جانبية أخرى، اتصل بطبيبك أو الصيدلاني.
إلا أن الطبيب المذكور لم يقم بتحذير المريضة (سعاد نعنع) حول أي من آثار هذا الدواء، مما أدى إلى حروق شديدة على صدر ورقبة السيدة سعاد. وما إن فكرت بتقديم شكوى إلى نقابة الأطباء، حتى سارع الطبيب المذكور إلى التشهير بها مسبقا، والقول أنه لم تلتزم بالجرعة التي وصفها لها. رغم أنه يعرف جيدا أن الخطأ الذي حدث (تعرض مكان الإصابة للشمس في ظل درجات الحرارة المرتفعة جدا هذه الأيام)، كان نتيجة خطئه هو بعدم تحذيرها والطلب إليها أن لا تتعرض لأشعة الشمس.
وإن كان من الأفضل دائما أن يقرأ المريض نشرة التعليمات الخاصة بأي دواء يتناوله، فإن مسؤولية توضيح ذلك هي مسؤولية الطبيب أولا. والخطأ الذي ينجم عن استخدام خاطئ، أو تداخل الاستخدام الصحيح مع ظروف غير ملائمة، هي مسؤولية الطبيب أولا.
السيدة سعاد نعنع، سارعت إلى "لفلفة المشكلة" مفضلة أن لا تدخل في في مهاترات لا تليق بأحد. وما إن وصلت إلى الإمارات المتحدة، عائدة من إجازة لا تسر الخاطر، حتى سارعت إلى طبيب الشركة التي تعمل بها، وعالجت المشكلة، بينما كان الطبيب الذي تسبب بالحروق قد فشل نهائيا في معالجة الآثار الشديدة لخطئه، بل وتخلى عن كل مسؤولية له أمام نفسه وقسمه، قبل أن يكون أمام الناس الذين يضعون صحتهم وحياتهم بين أيديه، حين سارع إلى شتم وإهانة مريضته بطريقة لا تليق بإنسان.
السيدة سعاد أخطأت بالتأكيد بتخليها عن حقها بالمتابعة، والشكوى أمام نقابة الأطباء، بل حتى ورفع دعوى قضائية ضد هذا الطبيب. فالأطباء الذين تخلوا عن قيمهم من أجل الشهرة، يجب أن يعرفوا جيدا أن الناس الذين يتلقون نتائج أخطائهم وإهمالهم هم مواطنون/ات لهم حقوق، وقادرون على إيقاف استهتار بعض الأطباء بحقوقهم. وهذا لا يغني عن ضرورة أن تتوقف نقابة الأطباء عن إيجاد الذرائع، وتتخذ اجراءات حاسمة ضد الأخطاء الطبية التي تحصل، سواء كانت في عيادات خاصة، أو في مشاف خاصة أو عامة.
نساء سورية، (حروق شديدة بسبب طبيب يصف دواء لا يعرف محاذيره!)