وصلت المشكلة المستمرة منذ العام 2006 بين شركتي الخلوي من جهة، وأهالي قرية "بصير" في محافظة درعا من جهة أخرى حول تركيب برج البث، إلى حدود خطيرة، بعد لجوء الشركتين إلى العنف في قمع الأهالي المعارضين لتركيب برج البث فوق خزان مياه الشرب في وسط القرية!!.
الأهالي بذلوا طوال الأعوام الخمسة الماضية كل ما بوسعهم للحؤول دون تركيب البرج فوق خزان مياه الشفة، متبعين كل الطرق السلمية والقانونية المتاحة، بما فيها التفاوض مع الشركتين لإقامة البرج الجديد، ونقل برج "mtn" القائم إلى مكان خارج القرية، كما رفعوا عبر الصحافة نداءات للسيد وزير الصحة في أكثر من مناسبة، وأخيراً الطلبين المقدمين للسيدين وزير الإدارة المحلية ووزير الاتصالات والتقانة يوم الأحد 15/8/2010، ناهيك عن المحاولات مع الجهات الرسمية المتعددة في المحافظة، ولكن جميعها قوبلت بالتسويف والإهمال، وكان آخرها توجه وفد من أهالي قرية بصير لمقابلة محافظ بتاريخ 4/8/2010، محملين بتواقيع ما يزيد عن 500 شخص، ومجموعة من الوثائق التي تؤكد الأضرار الناتجة عن هذه المحطات البرجية (بما فيها تعميم وزارتي التربية والصحة بضرورة إزالة الأبراج من على أبنيتهما)، وقد وجه المحافظ وقتها بتشكيل لجنة لتحديد أماكن بديلة تحقق الغاية الفنية وتبعد الضرر عن الأهالي القرية...
ومن الجدير ذكره أنه بتاريخ 2/8/2010، قام موظفو (سيريتل) بمحاولة (عنيفة) لتركيب البرج غير آبهين باعتراضات الأهالي، ومتجاوزين استمرار المفاوضات، وقام موظف سيريتل السيد (هـ. د) الذي يحمل صفة مفاوض، بإشهار سلاحه الخاص بوجه الأهالي مهدداً إياهم بأنه ابن اللواء فلان، صارخاً: (بفرجيكن)، ولولا تدخل قوى الشرطة في حينه كان يمكن أن يحصل ما لا تحمد عقباه... تلا ذلك قيام السيد (ب) وهو موظف مرموق في الشركة، بالاتصال بالعديد من أهالي القرية يتوعد، ويتحدى أنه سيركب البرج رغماً عن أنف الجميع، مؤكداً أنه مدعوم من مديرته السيدة (م) "التي لا يقف أحد في طريقها عندما تقرر أمراً"... وكان يؤكد هو وآخرون من زملائه بمن فيهم السيد (ش. س) أن الموافقات التي يحتاجها تركيب البرج هي شيء بسيط تؤمنه الشركة ببساطة في جميع الدوائر، وكأن دوائر الدولة موجودة لخدمة هذا الموظف ومن يمثل... بالإضافة لإطلاق العديد من موظفي الشركة لتهديدات شفوية مبطنة أثناء محاولة تركيب البرج، دون أخذ أي اعتبار أو مراعاة لهيبة هذه الجهات وخصوصيتها... أما السيد (ب) فقد تقدم من أحد ممثلي جهات القرية وقال له (إحنا ما مننسى حدا) ملوحاً بوعيد من النوع الذي يطلقه الخارجون عن القانون!!.
هذا ولم يظهر الموظفون المتوعدون حينها أي كتاب موافقة رسمي يسمح بتركيب البرج سوى كتاب المؤازرة، ولكنهم كانوا يستقوون بالاتصالات غير المنقطعة من مكتب المحافظ موجهة إلى الجهات الرسمية في القرية بالسماح بالتركيب.. أما مدير مياه الصنمين الذي أبدى تعاطفه مع أهل القرية فقال إنه تلقى اتصال من فوق.. و"لم أستطع أن أفعل شيئاً.. القصة أكبر من الجميع)؟؟؟...
بعد فشل المحاولة المذكورة تفاجأ أهالي القرية يوم الخميس 19/8/2010 بقيام شركة (سيريتل) مدعومة بمؤازرة من منطقة الصنمين، بتجديد محاولة تركيب البرج ضاربة عرض الحائط كل التوجيهات ومحاولات التفاوض بين الطرفين، وقد باشروا بتركيب البرج الذي كان قد مانعه أهالي القرية في المرات الثلاث السابقة بوسائلهم السلمية، متبعين أسلوب العنف والتهديد أيضاً..
والمعلوم أن الخزان المقصود أشادته مؤسسة مياه درعا على أرض ليست ملك لها، وقد تصرفت بما لا تملكه تصرف المالك حين سمحت بتركيب البرج عليه، دون مراعاة لأي اعتبار، مدعية أن هناك تعميماً من رئاسة مجلس الوزراء يسمح لأية جهة في الدولة أن تستفيد من الأملاك العامة لخدمة المصلحة العامة، وكأن الإضرار بصحة الناس كما هو الحال فيما يجري في قرية بصير هو مصلحة عامة! .
الغريب أن مدير دائرة الاتصالات في محافظة درعا السيد (م. م)، وهو رئيس اللجنة المشكلة من السيد المحافظ لدراسة مواقع بديلة تبعد الضرر عن أهالي القرية وتحقق الهدف الفني للشركة وهو تقوية البث من جهة وتأمين توسع في الشبكة من جهة ثانية، فاكتفى برفع كتاب بعدم وجود أضرار لهذه الأبراج على الصحة العامة، متجاهلاً التقرير الفني لصلاحية المواقع الأخرى، ومهملاً لتقارير الجهات السورية الرسمية ذات الصلة التي تؤكد ضرر هذه الأبراج على الصحة العامة، خاصة كتاب هيئة الطاقة الذرية رقم 339/2005 /د/ق.وأ تاريخ 17/1/2005، وكتاب مركز الدراسات والبحوث العلمية رقم /6332/ تاريخ 22/3/2005 اللذين أوضحا بشكل قاطع مخاطر وجود هذه المحطات بالقرب من التجمعات السكانية، وبالتالي حاد عن المهمة الأساسية التي كلف بها، وتخلى عن موضوعيته، ونفذ وكتب ما يخدم طرف على حساب الرغبة العامة، ومصلحة هذه العامة التي لم تمانع يوما بتركيب هذه الأبراج، ولكن سعت بكل إمكانياتها لتأمين البدائل خارج المواقع السكنية الكثيفة بطرق حضارية...
إن الأعباء التي يمكن أن تتحملها الدولة من أضرار الخليوي كعلاج أمراض السرطان والقلب والتنفس تفوق بمرات عديد حجم المكاسب المحققة من تركيب هذه الأبراج فوق رؤوس الأهالي، وهو ما سيكون بمنزلة كارثة بيئية وصحية على مستوى سورية فيما لو استمرت الحالة على ما هي عليه، أي تركيب الأبراج في الأماكن التي تحقق كلفة أقل لشركات الخليوي، ضرراً أكبر للناس، وخاصة وأن أضرارها لا تظهر بشكل مباشر وإنما بعد سنوات من تركيب الأبراج كما حصل في ركن الدين، حيث ثبت وجود 13 حالة مرض سرطان في مبنى سكني واحد، إضافة لاحتراق أشجار الزيتون في منطقة صيدنايا والناتجة حسب أحد مهندسي الاتصالات عن خلل في البث البرجي.. وغيرها من الحالات المسجلة والتي تهملهما شركتا الخليوي عند أية محاولة لتركيب هذه الأبراج..
هو هم وطني صحي بحاجة لمعالجة جذرية على مستوى الوطن، خاصة مع غياب نص تشريعي قانوني ينظم عمل هذه الأبراج وتوزعها بما يرفع الضرر عن الناس ويحقق التواصل مع ثورة الاتصالات عبر إبعاد خطرها الجغرافي من فوق رؤوس الناس التي لم يعد أحد يتجاوزها.
قاسيون، (سيريتل تحقق انتصاراً عظيماً على أهالي "بصير" بمساعدة الجهات الرسمية!)