ليس غريبا، في غمرة تغيير قوانين بدأ منذ 2001، بوتيرة تغيرت خلالها آلاف القوانين في سورية، إضافة إلى سن قوانين جديدة مختلفة، أن أقل القليل من هذه التغيرات قد أصابت حقوق المرأة السورية المنتهكة في العديد من المجالات، خاصة في قوانين الأحوال الشخصية والعقوبات والجنسية!
فهذا الواقع يعكس بعمق ما قلناه دائما في هذا المرصد أن جوهر ولب مشكلة حقوق المرأة في سورية تكمن في العقلية الذكورية التي لا تسير المجتمع فحسب، بل وأيضا تسيطر بشكل واضح وملموس على تفكير الحكومة السورية، وتشكل منهجا في تعاملها مع كل ما يخص المرأة السورية!
فحتى اليوم، ما يزال عشرات آلاف السوريين/ات المولودين لنساء اخترن الزواج من غير سوري، محرومين من الجنسية السورية التي هي حق أساسي لهم، تحت ذرائع ما أنزل الله بها من سلطان، سقط واحد من أهمها (مشكلة المحرومين الأكراد)، لتضاف ذرائع أخرى من مثل "ليس وقته الآن"! كأنما كان وقته في يوم من الأيام بالنسبة لهذه العقلية الذكورية!
حق الجنسية للمولودين/ات من أم سورية هو حق مواطنة أساسي، غير خاضع لأي اعتبارات سياسية أو ذرائعية من أي نوع. وبالتالي فإن تعديل القانون الراهن الذي يعطي الجنسية بناء على جنسية الأب، ليشمل الأب والأم، هو حق أساسي من حقوق المواطنة للنساء السوريات، لا تقبل فيه حجة، رغم أن جميع الحجج قد جرى الرد عليها خلال السنوات الماضية من عمل المرصد، وسقطت علانية دون أي إمكانية للدفاع عنها.
المسألة ليست عويصة إذا قرر مجلس الشعب، والحكومة، الخروج من تلك المساحة البهيمية التي لا ترى أن المواطنة لا تقوم على الثقافة الذكورية، بل حصريا على ثقافة المواطنة. وثقافة المواطنة تعني أولا، وقبل أي شيء آخر، إلغاء أي تمييز على أساس الجنس في القوانين والتشريعات السورية، مثلما في الممارسات المؤسساتية في الحكومة. وهذا وحده كفيل بفتح الطريق الصحيح لتغيير الاتجاه العام في ثقافة الناس وسلوكهم.
والعدد الوفير من النساء في مجلس الشعب كفيل بجعل هذا الموضوع موضوعا حارا دائما حتى إقرار مثل هذا التغيير، إذا قررن ذلك. رغم أن الأمل ضعيف في أن يتحدن من أجل حقوق المواطنة للنساء السوريات، إذ من الثابت أن الثقافة الذكورية متغلغلة في عقول النساء مثلما هي متغلغلة في عقول الرجال. بل قد تكون أسوأ احيانا في عقول النساء بعد أن يتلبسن دور الضحية التي تريد أن تثبت لجلادها أنها أكثر "وفاء" لخضوعها مما يريدها هو أن تفعل!
الجنسية لمواليد المرأة السورية المتزوجة من غير السوري، إذا، هي حق أساسي يجب على مجلس الشعب أن يقره فورا دون المزيد من الحجج والمبررات.
نساء سورية، 2012/11/12، (جنسية أطفال المرأة السورية ما تزال منتهكة)
خاص: مرصد نساء سورية