المقصود ب"جرائم الشرف": هي تلك الجرائم التي يزعم الفاعل أنه ارتكبها بدافع من الشرف بحجة قيام الأنثى قريبته بسلوك لا يعجبه ولا يوافق عليه, فيقدم على القتل تحت تأثير مشاعر الاستفزاز التي ثارت في نفسه.
من المهم قوله انه من خلال عملنا في متابعة الرصد لجرائم الشرف اتضح لنا أن القتل يكون في الظاهر بحجة الشرف، مع أسباب حقيقية مختلفة (الزواج بالتعارض مع إرادة الأهل، استقلال الفتاة في حياتها عن منزل أسرتها، الزواج من طائفة أو دين آخر، أي سلوك تقوم به المرأة ولا يعجب ذكور العائلة، الاستيلاء على إرث المرأة أو أموالها.. الخ)، وتبين لنا من خلال الحملة هذا القتل يرتكب على مساحة الوطن دون فوارق تذكر بين مدينة وريف، أو بين منطقة وأخرى، أو بين أتباع ديانة معينة أو طائفة معينة وأخرى.
ومصطلح "جرائم الشرف" يحمل في طياته تناقضاً منطقياً، فهو يضيف الشرف الذي هو القيمة التي يكسبها الإنسان نتيجة التزامه بالمبادئ السامية والمثل العليا، إلى الجريمة التي تمثل التعبير العملي لمدى الانحطاط الأخلاقي أو القانوني لدى الفرد أو المجتمع. وهنا يكمن التناقض فالشرف كقيمة معنوية لا يمكن أن يكون دافعاً لارتكاب جريمة أياً كانت، كما أن الجريمة لا يمكن أن تضفي على مرتكبها صفة الشرف.
جرائم الشرف أقسى أنواع العنف ضد المرأة: امرأة من بين كل ثلاث نساء تتعرض للعنف في سورية وهي نسبة انتشار ظاهرة العنف عالميا. العنف الذي يضع المرأة في مرتبة ثانية ويحصر الشرف بجسد المرأة ويعطي الرجل مهمة الحفاظ عليه تبعا لأوهامه وشكوكه, هذا يمثل التربة الخصبة لقبول ما يسمى "بجرائم الشرف" -الذي تذهب ضحيتها النساء وهي اقسى انواع العنف فالقتل هو قمة العنف-
بالإضافة للدعم القانوني الذي تمارسه الحكومة طالما أنها لم تلغ المواد القانونية التي تحمي قتلة النساء!
"جرائم الشرف" والقانون.
منذ الأزل وهناك جرائم ولكن اليوم لدينا قوانين أي سلطة عليا بيد الدولة والجميع متساوين ومتساويات أمام هذه السلطة ولكن...جرائم الشرف تجرد الدولة من حقها في القصاص, أي من حقها في تطبيق القانون. ويأخذ الذكور هذا الحق. وهذا انتهاك للمواطنة وحقوق الدولة.
الآثار المترتبة على "جريمة الشرف" قتل النساء وتحويل الذكر إلى قاتل بالرغم من أن القانون يحميه ويخفف العقوبة كثيرا إلا أنه واقعيا قد أصبح مجرما. فما هو حال أسرة قتلت ابنتها وابنها مجرم هذا يدمر الأسرة ويفككها.
وتخضع هذه الجرائم لمواد من قانون العقوبات وهي تدعم هذه الجرائم بحمايتها للقاتل وهي:
المادة 192 من قانون العقوبات السوري:
المادة 192 حددت كيفية تخفيف العقوبة في حال ما إذا كان الدافع شريفاً دون أن تحدد ماهية الدافع الشريف تاركة الأمر لمطلق تقدير المحاكم.
وقد عرفت محكمة النقض السورية الدافع الشريف بأنه: عاطفة نفسية جامحة تسوق الفاعل إلى ارتكاب جريمته تحت تأثير فكرة مقدسة (لديه)..!
اعتاد القضاء في سوريا على تطبيق مفعول الدافع الشريف في جرائم اقتل النساء بحجة الدفاع عن الشرف.
المادة 548 من قانون العقوبات السوري: والتي عدلت بالمرسوم 37 تاريخ 2009
حيث حدد التعديل العقوبة بسنتين بعد أن كانمت تعفي القاتل من أي عقاب !!!
نجد هذا التعديل خطوة على طريق مناهضة "جرائم الشرف"ولكنها طبعا غير كافية ومتواضعة جدا قياسا بمطالبنا وبتوصيات الملتقى الوطني. حيث نطالب بإلغاء هذه المادة واعتبار جرائم قتل النساء جرائم قتل متعمد. فمهما كانت المشكلة لا يمكن أن يكون الحل بالقتل, فالحياة حق مقدس ولا يحق لأحد أن يصادر هذا الحق ولا بد في حال أي خلاف من اللجوء للقضاء للتقاضي ويكون ذلك بيد الدولة والقانون وليس الأشخاص.
الحملة الوطنية لمناهضة جرائم الشرف :
بتاريخ 18/9/2005، أطلق مرصد نساء سورية الحملة الوطنية لمناهضة جرائم الشرف تحت عنوان: (لا لقتل النساء.. لا لجرائم الشرف!)، حيث طرحنا لاول مرة نقاش واسع حول ظاهرة تفتك سنوياً بنحو 200- 300 امرأة سورية في أرقام تقريبية يمنع دقتها غياب الإحصاءات في سورية.
وتضمنت الحملة جملة من النشاطات، بينها عمل ميداني واسع استهدف جمع التواقيع على الوثيقة الوطنية المناهضة لجرائم الشرف, وعدة ندوات عقدها المرصد حول هذه الجرائم من زوايا مختلفة، أقيمت في محافظات عدة وشارك فيها محامون ومحاميات، إضافة إلى ندوات في التلفزيون السوري، وندوة عقدت خصيصا لأعضاء وعضوات مجلس الشعب في دورته التاسعة (عقدت في 25/10/2005 وحضرها 16 عضوا وعضوة من أعضاء مجلس الشعب السوري)، وعدد كبير من المقالات التي نشرت في صحف ومجلات ومواقع الكترونية مختلفة
وإننا في مرصد نساء سورية ما نزال مستمرين في الحملة، لإلغاء المادة 548 من قانون العقوبات السوري.وحظر تطبيق المادة 192. وضرورة تجريم كل من يساهم في التحريض على ارتكاب هذه الجرائم.
اليوم العالمي للتضامن ضحايا جرائم الشرف:
الذكور يقتلون بدافع النساء بدافع الغيرة وغيره في أمكنة كثيرة من هذا العالم الذكوري. لكن ما يفرق بين منطقة وأخرى هو وماذا بعد الجريمة؟ فالجواب هو الذي يحدث الاختلاف بين الدول.
ولان هذه الجرائم تقع في أمكان مختلفة من العالم ولأن المرأة دائما هي الضحية, أطلقنا يوما عالميا للتضامن مع ضحايا "جرائم الشرف" الذي يوافق 29 تشرين الأول وهو اليوم الذي اصدر فيه القاضي السوري البراءة لقاتل زهرة عزو
الملتقى :
من المهم ذكره أن الهيئة السورية لشؤون الأسرة قد عقدت ملتقى وطني حول "جرائم الشرف"في 14 -10 – 2008
وقد تقاطعت توصيات الملتقى مع مطالبنا في الحملة الوطنية لمناهضة جرائم الشرف في إلغاء المادة 548.
قدمت هذه الورقة بالمركز الثقافي في حمص يوم الخميس 23-12-2010ضمن مهرجان "أديبات من سورية " الذي إقامته مديرية الثقافة بحمص بالتعاون مع مرصد نساء سورية في الفترة بين 19 -23 كانون الأول 2010