تُرى أية جريمة ارتكبتها المرأة في بلادنا حتى تُذبح كشاة ليس أكثر بسكين بحجة عما يسمى "دفاعاً عن الشرف"، وأية جريمة ارتكبتها حتى يأتي من يستكثر مجرد تخصيص يوم للتضامن مع المذبوحات، ويستنكر الأصوات الداعية لوقف تلك الجرائم بحق نسائنا وبناتنا وأمهاتنا.. بحجة أن تلك الجرائم لا تحدث في سورية، وإن حدثت فهي مجرد حوادث فردية، وإن الادعاء بتحولها إلى ظاهرة هو تضخيم غير مقبول ومرفوض ويشوه سمعة نسائنا ويسيء لسمعة بلادنا.
ويبدو أن الذين نصبوا من أنفسهم مدافعين من حيث يدرون أو لا يدرون عن قتلة النساء تحت مسمى الشرف، لم يقرؤوا عن دماء عشرات من النساء السوريات التي سالت بغزارة في العديد من المحافظات السورية منذ مطلع هذا العام الحالي وحتى تاريخه، أربعين امرأة وفتاة قتلن وذبحن وقطعت رؤوس البعض منهن في أبشع جريمة تُرتكب بحق النساء، أي بمعدل أربعة من نسائنا وفتياتنا تسفك دمائهم في كل شهر، فهل ا هذا الرقم مجرد حوادث فردية؟ أقول أربع نساء في كل شهر وأربعين امرأة في عشرة أشهر هذا هو الرقم المعلن عنه في وسائل الإعلام بعضها رسمي والأخر شبه رسمي، فماذا عن عشرات الضحايا التي يتم قتلها سراً بحجة الشرف خوفاً من الفضيحة. فقتل أربعين امرأة في عشرة أشهر ليس ظاهرة، بل هي مجرد حوادث فردية لا تستحق الوقوف عندها، ولا تستحق أن نخصص يوماً عالمياً للتضامن مع هؤلاء النسوة، كي لا نسيء إلى سمعتنا وسمعة بلادنا.!!
وحتى لا يتهمنا البعض بأننا نهول ونضخم بعدد الضحايا اللواتي ذبحن كالنعاج، سوف أستعرض الجرائم التي ارتكبت بحق نسائنا وفتياتنا تحت مسمى " الدفاع عن الشرف" بدءاً من الشهر الأول وحتى نهاية الشهر العاشر من العام الحالي والتي استطعت العثور عليها منشورة في بعض وسائل الإعلام السورية الرسمية وشبه الرسمية.
ففي 26 /1/2010"قتلت امرأة (في العشرينيات، متزوجة) بعد أن قام والدها بإطلاق النار عليها بحضور أمها وشقيقتها، بدافع الشرف". نقلاً عن موقع سيريا نيوز.
وبتاريخ 28/2/2010 نشر موقع عكس السير "أن عناصر قسم شرطة " هنانو " بحلب ألقوا القبض على شاب قام بخنق زوجته وشنقها وادعى أنها " انتحرت " في حي " بعيدين " بحلب".
وبتاريخ 6/3/2010 "ألقت الجهات المختصة القبض على شاب يبلغ من العمر 32 عاماً بعد أن أقدم على قتل ابنة شقيقه البالغة من العمر سبعة عشر عاماً في حي " البلد " بمدينة درعا ". نقلاً عن موقع عكس السير.
وبتاريخ 7/3 نشر عكس السير أيضاً "أقدام شاب على ذبح شقيقته بـ " داعي الشرف "، في إحدى القرى القريبة من مدينة حمص".
و بتاريخ 23/3/ ذكرت صحيفة الثورة أن المدعوة (إ-ع) غادرت منزل ذويها الكائن بالسيدة زينب وهربت مع المدعو بهجت الذي كانت تربطها به علاقة غرام ومكثت معه معه مدة يومين ثم عادت لمنزل أهلها من أجل المصالحة إلا أن والدها دفع شقيقها الحدث لقتلها الذي طعنها 12 طعنة ثم ذبحها كالنعجة.
وبتاريخ 9/4/2010 نشر موقع سيريا نيوز "أقدم شاب على قتل شقيقته (16 سنة، أمل لطفل) بإطلاق عيار ناري عليها يوم الجمعة بعد أن هربت من بيت زوجها إثر خلاف معه، حيث تم استدراجها بطمأنتها إلى المنزل وتم قتلها في المطبخ."
وبتاريخ 13/4 أقدم شاب جامعي في إحدى قرى منطقة السلمية بمحافظة حماه نهاية شهر آذار الماضي على قتل شقيقته البالغة من العمر خمسة عشر عاماً بعد أن فشل في أن يزين الأمر وكأنه قتل بذريعة الشرف. هذا الشرف الذي سمح له أن يعتدي على شقيقته في وقت سابق. ولمّا هددته بأنها ستخبر والدهما بالأمر، راح يفكّر في طريقة للتخلّص منها قبل افتضاح أمره. نقلاً عن مجلة الثرى
وبتاريخ 18/4 أقدم رجل في عقده الرابع على قتل شقيقته البالغة من العمر حوالي خمسين عاماً، في مدينة " منبج " بريف حلب بداعي " الشرف ".نقلاً عن عكس السير.
وبتاريخ 20/4 "لقيت زوجة حامل مصرعها هي وزوجها على يد شقيقها وبتغطية من 12 شخصا من عائلتها إثر هروبها من بيتها بعد أن رفضت العائلة زواجها". نقلا عن سريا نيوز
وذكر موقع عكس السير بتاريح 27/4 أنه "أقدم شخص يدعى " محمد 22عاما ً" على إطلاق عدة عيارات نارية على شقيقته، كما قام بطعنها بسكين بالشارع العام بحي الغراف في اللاذقية لعملها بالدعارة بعد طلاقها من زوجها".
كما ذكر موقع دي بريس في 30/4 "قتلت صبية في حلب بعد هربها من منزل أهلها بسبب العنف الذي تتعرض لها من قبل والدها بدءا من إجبارها على ترك التعليم وحتى الضرب المبرح".
وبتاريخ 30/4 أيضاً ذكر موقع سيريا نيوز " أن رجلاً أقدم على قتل شقيقته (47 سنة، عازبة) بعد شيوع إشاعة عن تصويرها عارية تمارس الجنس على كاميرا هاتف جوال,.أن القاتل استخدم مسدسا حربيا أطلق النار منه على شقيقته فأرداها قتيلة على الفور. فيما ذكر القضاء أن رجلا ما مدين للضحية بمبلغ من المال كان يبتزها.
وسلم القاتل نفسه إلى الشرطة مدعيا أنها قتلها "غسلا للعار".
وأشار موقع عكس السير بتاريخ 3/5/ 2010 " أن أكثر من ثلاثين طعنة في الصدر والرقبة والظهر والبطن تعرضت لها المغدورة (م) من مواليد ريف السويداء عند قيام أخيها بطعنها بالسكين بعد خروجها من السجن المدني في السويداء، الذي قضت به ما يقارب ثلاثة أشهر.
وبتاريخ 19/5 أقدم مراهق على اطلاق النار من مسدس حربي على شقيقته المتزوجة والبالغة من العمر 25 عاما بداعي الشرف في ناحية حريتان بحلب. نقلاً عن عكس السير
وأورد عكس السير بتاريخ 23/5 "إقدام المدعو " حسين " على قتل ابنته " سهام " البالغة من العمر 22عاما ً بواسطة مسدس بعد أن قام شقيقها " أحمد " ( 17عاما ً ) باستدراجها إثر هروبها من منزل زوجها"
وأورد نفس الموقع بتاريخ 26/5 "إقادم شاب على ذبح شقيقته وقطع رأسها في قرية " بزاعة " التابعة لمدينة الباب بريف حلب بحجة " الشرف " قبل أن يقوم بتسليم نفسه للشرطة.
وأورد أيضاً بتاريخ 2/6 /2010"أن إمراة متزوجة لقيت مصرعها بيد شقيقها خنقا في جريمة شرف جديدة شهدتها منطقة الفردوس بحلب "
كما أورد عكس السير بتاريخ 6/6 "أن مراهقا أقدم على قتل شقيقته بواسطة مسدس في قرية حير جاموس في مدينة سلقين بادلب بحجة الشرف فجر يوم السبت ".
وذكرت صحيفة الوطن أوين لاين بتاريخ 10/6 "أن بلدة الثنايا بريف دمشق استيقظت على مقتل امرأة حلبية الأصل في الخامسة والأربعين من العمر طعنا حتى الموت على يد ابنها بتحريض من عمه".
كما أورد عكس السير بتاريخ 13/6 " أن شابا أقدم على قتل والدته في منزلهم بقرية الثنايا المجاورة للمدينة العمالية بمحافظة ريف دمشق".
وبتاريخ 16/6 ذكر موقع عكس السير ً" أن التحقيقات كشفت النقاب عن تفاصيل جريمة مقتل زوجة على يد زوجها واكتشاف الجثة في بئر عمقه 100 متر في قرية المضابع التي تبعد عن حمص 35 كم على طريق حمص – تدمر".
كما ذكر نفس الموقع أنه أيضاً بتاريخ 16 /6 "أقدم رجل في منتصف العقد الرابع من عمره على قتل زوجته وشقيقه الأكبر بطلق ناري في قرية السحارة التابعة لمدينة الاتارب في حلب".
وبنفس يوم 16 /6 ذكر عكس السير أن شابا في العقد الثالث من عمره أقدم على قتل شقيقته الأم لخمسة أولاد بواسطة بارودة صيد بحجة الشرف في قرية " تلعادة " التابعة لناحية الدانا بادلب
وبتاريخ 5/7 /2010أورد موقع عكس السير" إقدام ثلاث أشقاء على قتل شقيقتهما المطلقة طعنا بالسكين بداعي الشرف في قرية " كفر دريان " التابعة لناحية الدانا بادلب"
كما ذكر موقع سيريا نيوز في 20/7 "أن شابا أقدم على قتل شقيقته بعد اتفاق عائلتها على ذلك بعد اختطافها واغتصابها"..
وبتاريخ 22/7 ذكر موقع عكس السير "أن شاباً أقدم على قتل شقيقته المتزوجة البالغة من العمر 20 عاما بعدة عيارات نارية وقتل زوجها البالغ من العمر 50 عاما بـ "داعي الشرف " في منطقة القصير التابعة لحمص ".
وذكرت صحيفة الوطن أون لاين بتاريخ 1/8 /2010 "أن جريمة قتل بشعة وقعت في بيت سوى بريف دمشق راح ضحيتها امرأة من أهالي جوبر في السادسة والأربعين من العمر ذبحا من الوريد إلى الوريد على يد ابن زوجها البالغ من العمر 17 عاما".
وبتاريخ 4/ 8 ذكر موقع عكس السير "أن شابا في منتصف العقد الثالث من عمره أقدم على قتل شقيقته رميا بالرصاص في قرية " محمبل " التابعة لمدينة اريحا بادلب".
ومن جهته ذكر موقع شوك ماكو في 13/8 "أن امرأة في العشرين من عمرها قُتلت في منطقة المنصورة التابعة لمحافظة الرقة بداعي الشرف".
كما ذكر موقع عكس السير بتاريخ 13/8 "أن شاباً أقدم على قتل شقيقته خنقا ً حتى الموت بمنزل عائلته وبحضور شقيقيه في حي الرمل الفلسطيني بمحافظة اللاذقية".
وذكر موقع عكس في 12 /9 /2010 "أن رجلاً يبلغ من العمر /39 عاما ً أقدم / على قتل ابنته " جميلة " البالغة من العمر /15عاما ً / بإطلاق النار عليها من مسدسه وذلك في مدينة " عفرين " بمحافظة حلب بداعي الشرف.
ذكر موقع سيريا نيوز بتاريخ 18/9 أن شقيق ذبح شقيقته في جرمانا بحجة أنها تعمل في الدعارة " السرية ".
وذكرت صحيفة الثورة في 21 /9 "أن ست طلقات خرجت من بندقية كلاشنكوف وأنهت حياة شابة حامل بطفلين وزوجها في لحظات بحجة الدفاع عن الشرف وغسلاً للعار على يد شقيقها".
وذكر موقع عكس السير بتاريخ 29/9 "أقدام شاب في العقد الثالث من عمره على خنق شقيقته الكبرى بداعي الشرف في ادلب".
وذكر موقع سيريا نيوز في 1/10 "أن شابا في الثامنة عشر من عمره أقدم على قتل شقيقته البالغة من العمر 23 عاما بطعنها 16 طعنة بواسطة سكين في مناطق مختلفة من جسمها في حي الهلك الشعبي بحلب".
وذكر موقع شوكو ماكو بتاريح 5/10 " إقدام أهالي قرية القصير التابعة لمدينة القامشلي (15 كيلومتر شرقي القامشلي) على رجم امرأة بالحجارة ثم ذبحها".
وذكر عكس السير بتاريخ 7/10 " أن شاباً في العقد الثالث من عمره أقدم على قطع رأس شقيقته بواسطة السكين في سلقين بمدينة ادلب"
وذكر أيضاً عكس السير بتاريخ 7/"10 أن شاباً في العقد الثالث من عمره أقدم على قتل شقيقته المطلقة بداعي الشرف في قرية الغفر بأدلب"
وبتاريخ 29 /10 ذكرت صحيفة الفداء الحموية أنه تم إعلام قيادة شرطة محافظة بوجود امرأة مقتولة في منزل مستأجر من قبل والدها في حي الصابونية بحماة. وتبين بعد التحقيق أن شقيقا المغدورة أطلقا ستة طلقات من بارودة صيد على المغدورة مما أدى إلى وفاتها "دفاعاً عن الشرف".
هذا عدا عن عشرات الجرائم التي لا يتم الإعلان عنها، بل يتم طمسها خوفاً من الفضيحة. أفلا تستحق تلك الدماء أن نبذل ولو جهداً بسيطاً لمنع إراقتها..؟ أم أن شرف البعض لا يصان إلا بسفك الدماء..؟
فأية جريمة ارتكبتها المرأة، حتى تذبح كشاة ليس أكثر، حتى تعامل بقسوة ووحشية؟ وأية قسوة أكبر من أن تسن قوانين تبيح قتل امرأة، وتعفي قاتلها من العقاب؟ ولماذا على المرأة دائماً أن تدمي إنسانيتها في كل لحظة من حياتها؟ فبالرغم من أن المرأة نالت معظم حقوقها وتساوت مع الرجل إلى حد بعيد في غالبية دول العالم ولاسيما في دول العالم المتقدم والمتطور، إلا أنها وبكل أسف مازالت في بلادنا تناضل حتى من أجل التمتع بحقها في الحياة أسوة بالرجل. بينما رجال مجتمعاتنا العربية الأشاوس مازالوا يعتبرون أن الشرف الرفيع الذي تسيل على جوانبه الدماء يسكن في ذلك المكان الصغير الذي يقع بين فخذي المرأة، فويل للمرأة إن سمحت لغريب أن يلمسه أو حتى يقترب منه، فتقوم الدنيا ولا تقعد إلا بقتل المرأة الخاطئة حتى يسيل دمها ليغسل العار الذي ألحقته بعائلتها، عندها يسلم شرف رجال العائلة الرفيع من الأذى..!
هؤلاء الرجال الأشاوس ينعتون نسائهم "بالضلع القاصر"، ولكنهم لا يتورعون عن التودد إليهن والتحدث معهن بمناسبة وبدون مناسبة، ويقولون عنها إنها عورة يجب سترها، وهم لا يتورعون أيضاً عن هتك عورتها، يقولون إنها شيطان ينبغي التعوذ منه بالضرب والحجب، بينما هم مستعدون حتى للزحف على بطونهم لنيل ابتسامة منها..ويقولون إنها لا تؤتمن على شرف أو وطن بينما هم مستعدون لفعل أي شيء للحصول على قبلة منها.. ويقولون أيضاً وأيضاً أنهم يريدون أن يحموا المجتمع من "فتنها" و"شرورها"، بينما هم لا يتورعون عن اللحاق بها إلى أبعد مكان في هذه الدنيا للظفر برؤية فخذيها وما بينهما..
كفى، نعم كفى إجراماً بحق نسائنا، كفى تنكيلاً بالنصف الأخر من المجتمع. هذا المجتمع الذي لن يقوم ولن ينهض وسيبقى في غفوته ما دام البعض يعامل المرأة كضلع قاصر وكوعاء للحمل والإنجاب وتلبية الرغبات الجنسية وخادمة للرجل، وهذا المجتمع لن يستطيع الوقوف على ساق واحدة ما لم ينهض على كلتا ساقيه الرجل والمرأة معاً، ولن يتحقق ذلك ما لم نعكف نحن الرجال بالتعاون والشراكة مع النساء على غربلة مورثاتنا الثقافية السلبية التي تقف ضد إنسانيتنا عموماً، ولن ينهار جدار الصمت الذي شيدناه بأيدينا، إلا بمزيد من الشجاعة والقدرة على مواجهة أخطائنا الكبيرة التي تراكمت منذ أمد بعيد.
بقي أن نقول إن غايتنا من تسليط الضوء على الجرائم التي ترتكب بحق النساء ولاسيما ما يسمى بجرائم الشرف ليس للتشهير بالناس، بل لتصوير وتظهير الواقع حتى نتمكن من تشخيص المرض ومعالجته، وإن السكوت عن ذلك هو كمن يساهم في تدمير المجتمع من داخله.
المحامي ميشال شماس، (إلى اللذين يصمون آذانهم ويعصبون أعينهم عن ظاهرة قتل النساء بذريعة "الشرف")