أكدت وزارة حقوق الإنسان عدم وجود أي تراجع أو انخفاض ملحوظ في جرائم الشرف، أو القتل غسلا للعار، نتيجة ترسخ تقاليد وأعراف اعتبرتها ثابتة ومستمرة. وكشف تقرير الوزارة الصادر في 24 تشرين الأول، عن قتل 84 امرأة في عام 2009، مقارنة مع 87 حالة قتل في عام 2008.
وتصدرت محافظتا بغداد، وذي قار، قائمة ضحايا جرائم الشرف بواقع 15 امرأة لكل من المحافظتين تلتهما واسط 9 نساء، والنجف 8، والانبار 4، وبابل 3، وميسان 3، وجريمة قتل واحدة في الديوانية ومثلها في المثنى.
تقرير وزارة حقوق الإنسان ذكر ان الإحصائية التي لم تشمل محافظات إقليم كردستان، تشير الى "عدم حصول تطور ايجابي في المجتمع يمكن معه عدم اللجوء إلى قتل المرأة بدافع الشرف".
وقال التقرير السنوي الذي أصدرته دائرة رصد الأداء وحماية الحقوق في الوزارة عن واقع المرأة العراقية "ان موقف قسم التخطيط والإحصاء في مجلس القضاء الأعلى يشير الى وصول 10 قضايا الى الإحكام النهائية خلال العام الماضي، وهذا "يؤكد الحماية القانونية لمرتكبي جرائم غسل العار ضد النساء".
متابعة وزارة حقوق الإنسان لواقع المرأة، وتعرضها لانتهاكات بشعة تصل الى حد القتل، هي استمرار لحملات ومناشدات مدافعين عن حقوق المرأة، بإدخال إصلاحات، واجراء تعديلات على القانون العراقي لجعل "القتل باسم الشرف" جريمة جنائية خطيرة.
منظمات دولية أشارت في حملاتها إلى أن المرأة تقع ضحية ما يسمى "جرائم الشرف" التي يقوم فيها ذكور من أفراد الأسرة بقتل قريبات لهم بذريعة رد "شرف" الأسرة، وعادة ينجو مرتكبو هذه الأعمال من العقاب.
منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومن رايتس ووتش) تحدثت في تقارير عدة أصدرتها عن تعرض المرأة في شتى أنحاء المنطقة لانتقاص حقوقها، لا لشيء سوى لكونها امرأة، وعانت من صور بالغة من التمييز المؤسسي والمجتمعي في كل مناحي حياتها تقريباً.
منظمة العفو الدولية من جهتها ذكرت ان معظم ضحايا "جرائم الشرف" من النساء والفتيات اللائي يعتقد أقاربهن الذكور وغيرهم أنهن جلبن "العار" لعائلاتهن بسبب سلوكهن غير الأخلاقي، وكثيراً ما تكون هذه الاتهامات لأسباب واهية ولا تعدو أن تكون مجرد شائعات. وفي كثير من الأحيان يُقدم على ارتكاب "جرائم الشرف" ذكور من أفراد العائلات التي تنتمي إليها الضحايا من النساء والفتيات، اعتقاداً منهم بأن مثل هذه الجرائم تسترد شرفهم وشرف عائلاتهم.
المدير العام لرصد الأداء وحماية الحقوق كامل أمين لخص في مقابلة خاصة أجراها معه البرنامج، أسبابا كثيرة أدت إلى استمرار ظاهرة قتل النساء غسلا للعار، منها غياب الوعي والثقافة، وسلطة الرجل والعشيرة، وغياب قوانين صارمة تعاقب الجاني، إضافة إلى تعاطف بعض الجهات مع مرتكبي هذه الجرائم، أو مع تقاليد، وأعراف تنافي حقوق الإنسان، وليست لها أي صلة بالدين والشريعة الإسلامية.
أمين ذكر ان الوزارة اعتمدت على إحصاءات جمعتها وزارة الداخلية، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على هذه الأرقام لأنها لا تعكس الواقع، لكن هذه الارقام في الوقت نفسه تعتبر مؤشرا خطيرا لاستمرار تعرض المرأة لانتهاكات صارخة.
الناشطة النسوية شروق العبايجي مديرة مركز عراقيات ذكرت ان جرائم قتل النساء غسلا للعار أصبحت يومية، وان غياب إحصاءات دقيقة، وعدم وجود دراسات توثق وتؤشر لهذه الظاهرة، اكبر دليل على عدم الجدية في التعامل مع هذا الموضوع. ووصفت العبايجي المرأة العراقية بانها ضحية ولا محامي يدافع عنها.
سوسن البراك مديرة قسم المرأة في وزارة حقوق الانسان ذكرت ان الارقام التي نشرت لا تعكس الواقع، وان هناك تلاعبا في تفاصيل الجرائم المرتكبة، لكي لا تسجل على أنها جرائم غسل للعار.
وكانت وزارة حقوق الإنسان طالبت في تقريرها بإجراء تعديلات على المادة 409 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969، ووصفت المادة المذكورة بانها تعارض نصوص الشريعة الإسلامية، والمبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المرأة الإنسانية، المتمثلة في حقها في الحياة والمساواة مع الرجل، امام القانون، كما نص على ذلك الدستور العراقي.
وتنص المادة 409 من قانون العقوبات العراقي: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته، أو أحد محارمه في حالة تلبسها بالزنا، او وجودها في فراش واحد مع شريكها، فقتلهما في الحال، او قتل احدهما، او اعتدى عليهما، او على احدهما، اعتداء افضى الى الموت، او الى عاهة مستديمة. ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر، ولا تطبق ضده أحكام الظروف المشددة."
القانوني طارق حرب أكد عدم وجود عيوب في قانون العقوبات، لكن المشكلة في اعتقاده تكمن في تطبيق القانون، وتساءل كيف يمكن معاقبة مرتكب جريمة قتل دون حصول المحكمة على كافة الادلة، وغياب شهود، وحتى تنازل أفراد عائلة الضحية عن القضية!
يشار الى ان من ضمن التوصيات التي أكدت عليها الوزارة في تقريرها: إعادة تأهيل المؤسسات القانونية والقضائية بما يتناسب والمبدأ الدستوري، الذي ينص على ان الجميع متساوون إمام القانون، وضرورة تعديل قوانين لها علاقة بالمساواة وعدم التمييز بسبب الجنس، ومبدأ ملائمة العقوبة مع الجرم المقترف، ومبدأ حماية الحق العام، وضرورة تعديل مفاهيم الشرف والزواج بما نصت عليه الشريعة الإسلامية.
ديار بامرني، (القانون العراقي يحمي عمليا مرتكبي جرائم الشرف)