استمرت جلسات المحاكمة التي رفع فيها قتلة زهرة العزو (ضحية من مئات ضحايا جرائم الشرف في سورية)، ووجهت ضد د. محمد حبش عضو مجلس الشعب، وعدد من الفنانات/ين والإعلاميات/ين بضمنهم الفنانة يارا صبري، وكاتبة السيناريو ريما فليحان، والزميلة رهادة عبدوش، والتي وكلوا (القتلة) فيها المحامية رولا مسوكر (المحامية نفسها التي رافعت عن القاتل، وحصلت له على حكم يشبه البراءة).
ورغم تحديد مواعيد جديدة للجلسات دون أن يجري شيء حتى الآن، إلا أن استمرار المحاكمة يعد بحد ذاته رسالة واضحة إلى كل مناهضي العنف والتمييز في سورية، وتأكيدا جديدا على أن العنف والتمييز محميان جيدا بالقانون، ليس فقط عبر دعم القتلة باسم الشرف، والعديد من المواد الأخرى في قانون العقوبات السوري إضافة إلى قانوني الأحوال الشخصية والجنسية، بل أيضا عبر غياب آية آليات لحماية العاملين/ات من أجل التخلص من هذا العنف والتمييز، وعبر قوانين أخرى مثل قانون المطبوعات تشكل سلاحا حقيقيا بيد السلطات التنفيذية ضد الإعلام الجاد والمسؤول، وأيضا سلاحا بيد كل من يريد خنق الأصوات الحالمة بمستقبل أفضل.
ونعيد التذكير أن الدعوى المذكورة تحوز كل الصفات التي تجعلها كيدية فعلا، منها اختيار الدعوى لبعض من آلاف ممن عمل ضد جرائم الشرف، وبعض من عشرات ممن كتب في قضية زهرة العزو التي تم ذبحها بدم بارد وتخطيط مسبق كما أكد كل من قاضيي التحقيق والإحالة، الأمر الذي يعني (كما خلص القاضيين المذكورين) إلى أنها جريمة قتل عمد. لكن، بقدرة قادر هو سلطة العنف ضد المرأة التي تصونها الحكومة السورية عبر إصرارها على إبقاء القوانين التي باتت تشكل عارا على وجه سورية القرن الواحد والعشرين، خلصت المحكمة إلى "تبرئة" القاتل، بادعاء أن القتل جرى "بدافع الشرف"؟! مما يشكل دعوى صريحة لكل ذكر أن يقتل ما يشاء من قريباته، وبتخطيط واضح وصريح، فهو سيحوز على وسام البراءة!! أو ما يشبهها!!
الدعوى ضد مناهضي/ات جرائم الشرف هي خطأ فادح، ورسالة لا تخفي نفسها دعما لقتلة النساء السوريات بأنهم سيحصلون على البراءة وفق المواد 548 (ما صار اسمها المرسوم رقم 37 لعام 2009)، و192 من قانون العقوبات، إضافة إلى حمايتهم من أي شخص يتجرأ على فضح هذا القتل الحرام، وفضح العار المتمثل فيه والذي يجلل الحكومة السورية قبل أي أحد آخر.
وبالتالي فإننا نعيد التأكيد على أن رفض هذه المحاكمة جملة وتفصيلا هو السلوك الصحيح الذي نأمل أن القضاء السوري سوف لن يتأخر في اتخاذه ليكون رسالة أخرى واضحة أن سورية تمضي فعلا في طريق التخلص من العنف ضد المرأة، وأن القضاء السوري بدأ الانتقال من دعم التخلف والعنف الذي تكرس عبر قوانين قديمة ورؤى بائدة، إلى مجتمع العدالة القائم على المساواة في المواطنة، والتي لا يمكن لأحد فيها أن ينتهك حق الآخر بالحياة دون أن يلقى عقوبة قوية وشديدة تجعل تكلفة هذا القتل باهظة جدا!
ومن جديد، نعيد إرسال رسالة صريحة وواضحة إلى اتحاد نقابات المحامين في سورية أن يعلن موقفا واضحا وصريحا من قضية جرائم الشرف، لنعرف بوضوح إن كان محامو/يات سورية يدعمون قتل زميلاتهم إذا رأي أحد الذكور من أقارب هؤلاء الزميلات ذلك، ام أنهم اختاروا أساس وجودهم نفسه، وهو حماية حق الحياة بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى.