من المعيب أن نخالف القوانين ومن العار أن نرتكب أفعالا يجرمها القانون. هناك الكثير من الأفعال التي يرى فيها القانون خطورة على المجتمع رتب عليها عقوبات كبيرة وأكبر العقوبات لدينا هي الإعدام ومن ثم نزولا إلى السجن المؤبد ومن ثم السجن المؤقت ثم الحبس..
وهذه العقوبات تتناسب مع خطورة الفعل الجرمي وهذه العقوبة لها هدفان: الردع ليكون عبرة لمن يعتبر والثاني هو إصلاح المجرم. ومن المؤكد هنا بأن العقوبة ليست رد فعل لإيلام المجرم والانتقام منه بل هي لحماية المجتمع.
وهناك نداء عالمي لحث دول العالم على حذف عقوبة الإعدام من العقوبات المحكوم فيها ضمن قوانينها الوطنية نظرا لخطورتها وخطورة إزهاق روح إنسان هذا الإنسان الذي لا بد وأن يحمل في ضميره من الشمائل ما يجعله جميلا لو أتيحت له البيئة المناسبة. أي البيئة السيئة تصنع المجرم وعلى العدالة الراشدة في الألفية الثالثة أن تتعمق أكثر في الإنسانية لتوزع المسؤولية الجزائية بشكل أعدل بين المجرم والبيئة التي أنتجته وأوصلته ليرتكب حماقات خطيرة. ومن الجميل أن يكون للمخطئ فرصة ليكفر عن أفعاله (فالإنسان خلق على صورة الله) ولا بد من احترام مضمون هذا الإنسان.. أما البيئة فهي أنا وأنت وهو المحيطين للمجرم سواء في القرية أو الحي أو المدينة فنحن نحمل جزءا مهما من المسؤولية معه. ومن المعروف بان تنفيذ عقوبة الإعدام لدينا تحاط بإجراءات مهمة لعدم تنفيذ هذا الحكم فالنيابة العامة التي كانت تطلب إنزال أقسى العقوبات بالمتهم دفاعا عن المجتمع. وبعد صدور حكم الإعدام عليها أن تطعن بالحكم وأيضا دفاعا عن المجتمع ومن ثم تنظر فيه لجنة العفو لتلتمس له ما يمكن أن يشفع له بعدم تنفيذ حكم الإعدام.. وأما لم تجد لجنة العفو من الأعذار ما يساعد المحكوم يعين يوم لإعدامه ضمن طقس مهيب يتقدم رجل الدين ليصلي معه وله قبل تنفيذ الحكم.. فالإعدام إجراء خطير جدا.
وطبعا يصدر الحكم بعد محاكمة عادلة فيها حق الدفاع مقدس. فالأحكام التي تصدر عن المحاكم تمثل الحقيقة القانونية الثابتة سيما أنها توشح باسم الشعب العربي في سوريا..
تلك بعضا من إجراءات تنفيذ حكم الإعدام في سورية لمقاربته مع ما يسمى القتل لغسل العار أو جرائم الشرف الذي تتحفنا فيه بعض الصور المريضة لأناس يرفضون النور والتطور.. ويكون ذلك عادة ردا على جرم يسمى زنى الأنثى ويكون بصور متعددة يهمنا منها جريمة الزنى لمقارنتها بجريمة قتل الأنثى التي تلوث الشرف – كما يزعمون - ضمن منطق التخلف الأرعن الذي يذهب الدعاة إليه بإكسائه لباس القانون زورا وبهتانا.
لنفترض أنها زنت وتلك جريمة نحاربها ونرفضها بكل المعايير لكن أن يقرر أقرباؤها قتلها فتلك من الكبائر في احتقار القانون النافذ وتمرد عليه , وعار أكبر وتعد سافر على المجتمع أن يقوموا بقتلها بداعي غسل العار. بداية نقول مثل هذا القتل بحد ذاته عار والعار لا ينظف بل التسامح والعفو والمحبة وصلاح الحال والتوبة والمساعدة ما يصلح لغسل العار بل من الرجولة والشهامة أن نحمي الشرف بصيانته ومساعدته وندافع عنها بإيصالها إلى حقها المنصوص عنه في القانون لا بقتلها بل الضعف هو من يدفع على قتلها لأن مثل هذا القتل نابع من القاتل كخطورة جرمية وليس بفعلها (كزانية أو مغتصبة أو مغرر فيها...) فبالزنى تعاقب الزانية بثلاث سنوات سجن أما القتل العمد فعقوبته الإعدام وشتانا بين الإعدام وثلاث سنوات سجن فالقاتل إذا لا يغسل عارا بل يعبر عن شخصية مريضة مهزوزة مقهورة تهرب بقتل الأنثى الطرف الضعيف بدلا من اللجوء إلى القضاء ليقول كلمته ولينصفها إذا كان مغررا فيها.. القانون السوري يأخذ بشخصية الجريمة وشخصية العقوبة فإن أخطأت المرأة أو البنت لا يعني أن والدها أو أخاها يحمل نفس الخطأ.
ومن المفارقات لدينا أن يقتل المذكر أو يختلس المال العام أو يتاجر بالمخدرات أو يرتكب إحدى الجرائم التي تمس بالشرف قانونا فتنتفض العائلة لنجدته وتوكيل المحامين للدفاع عنه ولا يخجلون من التماس الأصحاب والأصدقاء للتخفيف عنه بينما يرفضون البحث في ما يمس ابنة قاصر غرر فيها أو أنثى من العائلة تعرضت لشبهة كاذبة في معظمها أو وشاية مغرضة. مع أن جرمها في أشد أحواله جنحة بينما في حالة تجارة المخدرات جناية كبرى.. فما أشرفنا..
العجز وحده من يدفع إلى ما يسمى غسل العار والقوة والمواطنة أن نلجأ إلى القضاء الذي يملك الوصف الجرمي والتطبيق القانوني والحكم وتنفيذه ضمن الأصول القانونية فنحن ننصح الجميع باللجوء إلى القضاء في أي مشكلة سيما التي تمس الشرف وهو يحمي حقوق الجميع وهناك عقوبات كبيرة ورادعة تصل حتى عشرين عاما بالسجن لمن يغرر بقاصر ونحن من المجتمع لا نرى أي خطيئة في هذه القاصر بل الجاني هو مرتكب العار ويستحق العقاب. لكن أن نقتل الضحية فذاك كثير جدا. وتفسيره في ضعفنا وعجزنا وليس بفعل الضحية ففعلها لا يستحق القتل مهما كان والقضاء وحده من يقرر ويصدر الأحكام. والدولة وحدها من يحق له تنفيذ الأحكام.
ورئيفة إحدى الحالات التي تحميها الدولة وتحمي حقها في الحياة وإن الاعتداء عليها اعتداء على المجتمع ويدخل في إطار القتل العمد.