أعلن موقع "عكس السير" عن ثلاثة ضحايا تسقط على مذبح اللاشرف في حلب، و"برعاية كريمة" من الحكومة السورية التي لعبت على الناس وحاولت الضحك عليهم بتعديل شكلي للمادة 548 من قانون العقوبات، المادة العار التي يخجل كل إنسان من أن تكون موجودة في القرن الواحد والعشرين، والتي باتت تحمل، بالمحتوى الهمجي نفسه، اسم "المرسوم رقم 37 لعام 2009"!
وتحت حماية مطلقة من المادة 192 من القانون نفسه، وهي المادة التي تعتبرها الحكومة السورية أداتها الرئيسية في انتهاك حقوق الدستور السوري الذي نص على حماية حياة كل مواطنيه، نساء ورجالا، وبالتالي فهي تمثل لب السلطة الذكورة المطلقة لعقلية هذه الحكومة التي تريد لسورية أن تعيش عصورا لم تعشها أصلا، هي عصور استعباد النساء وتحويلهن إلى جاريات وبائعات متعة جنسية تم الدفع لهن مسبقا، ومنجبات لورثة الذكور!
ومن الواضح أن تثبيت الحكومة السورية لسلطتها الذكورية القائمة على اضطهاد النساء وسفك دماء من تخرج منهن على "قواعدهم" قد بات منهجا صريحا وعلنيا من هذه الحكومة. فبعد تثبيت منح وسام الاستحقاق لكل قاتل أخته أو زوجته أو أمه عبر المادة 548، ها هم يتناقشون اليوم في كيف سيصنعون التفافا جديدا على المادة 192، بهدف الإبقاء على جوهرها، وتغير اسمها، في لعبة مفضوحة ومرفوضة سوف لن توقف العمل المناهض لقتل النساء السوريات، بل ستزيده قوة وحدة!
الضحايا الثلاث سقطن، وفق الزميل علاء حلبي من موقع عكس السير، في أقل من أسبوع!
ففي الثالث من كانون الأول 2009 أعلن الموقع عن سقوط صبية في العشرين من عمرها بالرصاص داخل منزلها بحي الصاخور!
وقال الزميل حلبي أن القاتل أطلق عيارين ناريين من مسدس حربي اخترقا رأس شقيقته أثناء تنظيف المطبخ في منزل أهلها. مدعيا أنه قام "بغسل العار الذي لحق العائلة بسبب هروبها مع عشيقها قبل حوالي العام". حسب ما نقل.
ورغم اعتراف أهل الضحية أن الفتاة التي هربت مع من تحب، عادت لتهرب من الشخص نفسه عائدة إلى بيت أهلها بعد أن اكتشفت نواياه اللاخلاقية، إلا أن ذلك لم يشفع لها، في ظل حماية مطلقة من الحكومة السورية لكل قاتل لأخته بهذه الذريعة، حتى لو قتلها بعد ألف عام!!
وفي الجريمة الثانية قال الزميل حلبي أنه في 6/12 الجاري أقدم شاب وخاله على قتل أم وابنتها بثمان عيارات نارية اخترقت بطن كل منهما في مدينة "اعزاز" التابعة لحلب.
وأكد الزميل حلبي أن القاتل (29) عاما اتفق مع خاله (36) عاما على قتل أمه وشقيقته بذريعة "الشرف". فقاما بتجهيز الأسلحة النارية ودخلا إلى منزل أهل القاتل ليطلق "الأخ" ثمان عيارات نارية من بارودة صيد "بمبكشن" اخترقت بطن شقيقته (25 عاما)، ومن ثم أتبع "الخال" بإطلاق ثمان عيارات نارية أخرى من الـ"بمبكشن" أيضا، مزقت جسد الأم (45 عاما)، ثم سلما نفسيهما للشرطة مدعين أنهما قام بجريمتهما "غسلا للعار"، مطمئنين إلى أن الحكومة السورية سوف ترعاهما بعيونها، وتحميهما وتعلق على صدريهما أوسمة الشرف الذكوري في ظلال المادتين 548 (المرسوم 37)، و192 من قانون العقوبات السوري!
إن استمرار القتل بذريعة الشرف في حماية المادتين 548 (المرسوم 37) و192 من قانون العقوبات، بات مسؤولية الحكومة السورية مسؤولية مطلقة وكاملة. وهي بذلك باتت تستحق المحاكمة بسبب إصرارها على دعم قتل النساء السوريات، وهو ما ينتهك الدستور صراحة وعلانية، وينتهك كل شريعة سماوية كانت أم أرضية، وينتهك أدنى مبادئ الدولة الحديثة القائمة على أن حق القصاص هو حق حصري للدولة، وينتهك أدنى حد من الأخلاق البشرية للبشر الذين غادروا الغابة.
ونذكر هنا بأن الحملة الوطنية لمناهضة جرائم الشرف، والتي أطلقها مرصد نساء سورية منذ أيلول 2005، والتي أنجزت خطوات هامة منها شيوع المعرفة والوعي بماهية هذه الجرائم القذرة وتشخيص داعميها ممن رفعوا من الانحطاط البشري المتمثل بالقتل، والمدان في كل الأخلاق والشراع، ليجعلوا منه مطلبا يشجعون عليه، ومنها كشف مسؤولية الحكومة السورية عبر تبنيها ودعمها ودفاعها عن المادتين العار 548 و192 من قانون العقوبات، قد أطلقت الشهر الماضي يوم 29/10 كيوم عالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف (وهو اليوم الذي قرر فيه قاض سوري تبرئة قاتل قتل أخته بطعنها بالسكين بعد وضع قدمه على رأسها أثناء ذبحها، مبرهنا على أن الوحشية هي التي تحميها المواد المذكورة، وموجها دعوة صريحة لكل ذكر أن يقتل أخته بذريعة الشرف وسوف يلقى المكافأة المناسبة!). وندعو جميع الوسائل الإعلامية والمنظمات والجمعيات السورية خاصة، وغير السورية عامة، إلى تبني هذا اليوم ليكون يوم تضامن فعال حتى الانتهاء من هذه الجريمة البشعة.