دعمت مجموعات الحقوق المدنية تعديلاً لقانون يتعلق بما يُسمّى جرائم الشرف، لكن هذه المجموعات قالت أن العقوبة المفروضة على الذكور من قتلة النساء لا تزال غير صارمة بشكل كافٍ.
حيث صدر مرسوم رئاسي في وقت سابق من الشهر الحالي فرض حداّ أدنى للعقوبة في جرائم الشرف وهو السجن لمدة سنتين للرجال الذين يقتلون قريباتهم نتيجة لممارستهن الجنس خارج إطار المؤسسة الزوجة.
وكان القانون بحالته السابقة يُعفي القاتل من جزء كبير من العقوبة في جرائم الشرف كونة "يحمي شرف العائلة".
من جهتها، قالت أمل يونس المحامية وعضوة رابطة النساء السوريات أنه بالتعديل الجديد تمّ إلغاء العذر المحل. جدير بالذكر أن رابطة النساء السوريات هي منظمة غير حكومية رائدة في مجال الدفاع عن حقوق النساء.
وقالت يونس أن المرسوم الجديد يُلغي العذر في حال "الشك" باعتباره دافعاً لارتكاب الجريمة.
وكان القانون القديم يسمح للقاتل بارتكاب جريمته لمجرّد الشك في أن إحدى قريباته من النسوة تلطّخ شرف العائلة بسلوكها.
أضافت يونس أن مفهوم الشك غير واضح وحمّال أوجه ونسبيّ إلى حدّ كبير. حيث أن بعض الرجال يشكون بزوجاتهم جراء قيامهن بمجرد اتصال هاتفي أو لمغادرتهن البيت.
لكن لدى الكثير من الناشطين في مجال حقوق المرأة تحفظات على التغيير الأخير الذي تم على القانون.
حيث يقول بسام القاضي، مشرف مرصد نساء سورية غير الحكومي أن القانون وبعد التعديل لا يُرسخ مفهوم أن الدولة، وليس أفراد المجتمع أنفسهم، هي الجهة الوحيدة المخوّلة لفرض العقوبة المناسبة.
وتساءل القاضي قائلاً: "هل نعيش في غابة بحيث أن يحقّ لكل شخص لا يروق له سلوك إنسان آخر أن يقرر قتله؟"
جدير بالذكر أن العديد من المجموعات والهيئات تُدين هذا النوع من الجرائم وتقول أنها مخالفة بطبيعتها لحقوق النساء. لكن جرائم الشرف منتشرة نسبياً في بعض المناطق المحافظة والأخرى الريفية حيث تسود ثقافة الولاء للقبيلة أو العشيرة.
ويقول المراقبون أن بعض العائلات تلجأ إلى قتل نسائها نتيجة زواجهن لرجال من طائفة أو دين آخر أو لأنهن تزوّجن دون معرفة من عائلاتهن.
هذا ويُقدّر مرصد نساء سورية عدد هذه الجرائم التي يتم ارتكابها بحوالي 200 سنوياً في سورية، رغم أن وزارة الداخلية تعتبر أن هذا الرقم كبير حيث تُشير إحصائياتها إلى حوالي 38 جريمة شرف تم ارتكابها عام 2007.
وكان مناصرو حقوق المرأة قد أطلقوا حملة إعلامية لحشد الرأي العام لمناهضة جرائم الشرف والتعامل معها باعتبارها جريمة قتل عادية. ويقول هؤلاء أن مناقشة هذه المسألة كانت تعتبر من المحرمات في السابق لكن وسائل الإعلام، وبفضل الحملات المناهضة لهذه الجرائم، أصبحت تسلّط الضوء أكثر فأكثر على هذه المسألة وتستنكرها.
وفي إحدى الحالات التي وثقها مرصد نساء سورية، تم إرداء سعاد (التي تعمل في صالون تجميل نسائي في دمشق) قتيلة برصاص شقيقها بعد أن شكّ في أنها تعمل عاهرة بتواطؤ من زوجها.
وفي حالة أخرى، تم قتل لبنى ذات السبعة عشر ربيعاً إلى الشمال من مدينة حمص من قبل أفراد عائلتها لأنها هربت إلى منزل شقيقتها بعد أن حاول أهلها تزويجها إلى رجل عنوة.
وبالإضافة إلى الجانب القانوني، تقول مجموعات الحقوق المدنية أنه يجب القيام بحملة لزيادة الوعي عن هذه المشكلة من أجل القضاء على النظرة الشوفينية للرجال والتي أدت إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم.
وقال القاضي: "تهدف الحملة الوطنية لإيقاف جرائم الشرف إلى جعل الناس والمسؤولين يدركون خطورة هذه الجرائم. حيث أنه من دون هذه الحملة، لكان الجميع نسي أن هناك شيئاً اسمه جرائم شرف."
وكان القائمون على الحملة قد عقدوا خلال السنوات الأخيرة عدداً من الندوات العامة التي أعرب فيها رجال الدين عن معارضتهم لهذه الجرائم. كما جمعت الحملة آلاف التواقيع عبر الإنترنت دعماً لمناهضة جرائم الشرف.
ويقول المراقبون أنه رغم أن السلطات السورية استجابت بشكل إيجابي بهذه الحملات، لكنها لم تنفذ جميع التوصيات التي أقرتها جماعات الحقوق المدنية والتي خرج بها مؤتمر كبير تم عقده نهاية السنة الماضية عن هذا الموضوع.
من جانبه، قال باسل جبيلي الناشط في مجال مناهضة جرائم الشرف أن التعديل الجديد لم يتطرق إلى قانون آخر يمنح للقاضي السلطة بتخفيف العقوبة إن وجد أن دوافع العقوبة "شريفة". وأضاف جبيلي أنه يمكن استعمال مثل هذا القانون من أجل حماية من يقترفون جرائم الشرف وشدد على أنه يجب إلغاء هذه المواد.
لكن مناصري الحقوق المدنية يُصرون على أن معركتهم مستمرة.
حيث تقول المحامية يونس "الطريق مليء بالأشواك"، لكنها تستطرد قائلة أن التغيير الأخير على القانون دفع القائمين على الحملات المناهضة لجرائم الشرف إلى الاستمرار في نضالهم.