حذرت ناشطات عراقيات من تصاعد معدلات جرائم الشرف وغسل العار والختان في صفوف النساء في مدن اقليم كردستان ومناطق عدة من وسط وجنوب العراق، كما طالبن في ندوة جمعتهن امس بمشاركة عدد من عضوات البرلمان وشخصيات نسوية فاعلة ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة في نادي الصيد وسط العاصمة بغداد بتعديل بعض القوانين التي ما زالت تشكل عائقا امام اعطاء المرأة كامل حقوقها ومساواتها بالرجل.
الناشطات النسويات تدارسن اوضاعهن اليومية وسط المصاعب والمحن التي تعترض تطوير الواقع النسوي في ظل سطوة المتشددين ورجال الدين على كثير من مفاصل الحياة بالرغم من التحول اللافت والانفتاح المهم الذي اتاح لهن فرصة المشاركة السياسية بشكل لافت والخروج من شرنقة التهميش والتضييق على حرياتهن الشخصية مع عدم اغفال المحددات الاجتماعية والتقليدية التي تحول دون نيل حقوقهن بشكل كامل.
وقالت فائزة بابا جان عضو الجمعية الوطنية سابقا (البرلمان العراقي) والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة ان "من يمارس القتل ضد المرأة بذريعة (غسل العار) لا بد من ان يخضع للقضاء كما من المهم تعديل القوانين التي تعطي الحق للزوج او احد المحارم بقتل المرأة المتهمة في عائلته". وبينت بابا جان ان "الحالات التي تندرج تحت اطار (الانتحار) في صفوف النساء سجلت تصاعدا ملحوظا في كردستان خصوصا، حيث سجل العام الماضي عددا بلغ نحو 142 حالة انتحار بينها 77 حالة انتحار حرقا و26 حالة قتل و20 حالة غرق و22 حالة حروق وتشويه للمجني عليها"، موضحة ان "هذه الحالات ظاهرها انتحار لكن في الحقيقة ان اغلبها عنف مقصود ضد المرأة يبادر المتورطون به الى حرق المرأة او اغراقها لاخفاء معالم الجريمة والادلة". وتابعت انه "رغم توجه برلمان اقليم كردستان بتعديل بعض القوانين التي تخص المرأة الا ان ذلك يصطدم بالعادات والموروثات الاجتماعية والقبلية مما يعيق تطور مسيرة الاصلاحات في مجال حقوق المرأة فعندما نرى منظومة قانونية متطورة جدا مقابل الطبائع الاجتماعية المنتشرة فإن فجوة كبيرة بينهما ستظهر وبالتالي تعيق التطور السريع للمجتمع". وطالبت بابا جان بـ"تغيير القوانين وتوجيهها بالشكل الذي يحقق على ارض الواقع مفهوم مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ومن بينها اعطاء الام حق ولاية ابنائها بعد وفاة والدهم، كما من المهم اجراء تغييرات في قانون الاحوال الشخصية وشمول الرجل بحكم النشوز وعدم اقتصاره على المرأة التي لا يمكن لها الزواج الا بعد مرور سنتين،ففي اقليم كردستان توصل المشرعون الى امكانية اعتبار الرجل ناشزا".
وتعمل الكثيرات من الناشطات النسويات على تغيير بعض مواد قانون الاحوال الشخصية من خلال الضغط على البرلمان العراقي كي يخرج بتشريعات تتماشى مع قوانين العالم الحر وتلافي معدلات زيادة العنف ضد المرأة وتحقيق طفرات في هذه القوانين عبر التنسيق مع رجال الدين بهذا الشأن وضمان اتاحة الفرصة لعمل المنظمات العالمية المختصة بشؤون المرأة بهدف معالجة المعاناة التي يشهدها واقع المرأة في العراق.
وترى النائبة الكردية في البرلمان العراقي تانيا طلعت ان "العنف ضد المرأة ليس جديدا، لكن الانفتاح الذي شهده المجتمع العراقي بعد سقوط النظام السابق اتاح عرض المسألة بشكل اوسع، كما ان بعض النساء يشعرن بوجود بعض التغييرات في القوانين مما مكنهن من رفع اصواتهن والتحدث بشأن ما تتعرض له المرأة من عنف واغتصاب وتحرش جنسي". وقالت "لا اعتقد وجود زيادة في معدلات العنف بشكل مخيف، ونحن نتابع مسألة العنف ولا نحاول تغطيتها من خلال تقارير تردنا والتي تشير الى وجود مشكلة حقيقية لا بد من ان نضع لها المعالجات عبر العمل على تغيير القوانين التي تمنع الاقتصاص من مرتكبي الجرائم بذريعة الشرف" مشددة على ضرورة "التحرك على المجتمع من اجل حماية المرأة".
وتبين التقارير الصادرة من البعثة الاممية في العراق وجود جهود حثيثة لالغاء التمييز والعنف ضد المرأة، ففي كردستان مثلا شكلت لجنة لدراسة اسباب العنف، فيما تكشف معلومات ان النساء في بعض قرى وارياف كردستان يتعرضن الى عمليات الختان الذي بات منتشرا بشكل كبير في تلك المناطق، وتوضح الارقام انه في مناطق مثل(رانية) و(قلعة دزة) او في قرى يتجاوز عددها 54 قرية تعرض نحو 98 % من نسائها الى الختان فمن اصل 1198 امرأة اجريت عملية الختان على 1175 امرأة مما يعد احد اوجه العنف ضد المرأة.
وتشدد الناشطة النسوية ميساء عبد الهادي من منظمة الافق للمرأة على ان "اصدار قوانين خاصة بحماية المرأة والتركيز على حقوقها واعطائها الدور الكافي وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة كفيل بإيقاف اعمال العنف التي يتعرضن لها". وانتقدت دور بعض المنظمات النسوية العراقية واصفة اياه بـ "الخمول السلبي" مطالبة بالعمل على "توسيع دور المرأة السياسي والمشاركة الفاعلة في الحياة البرلمانية من خلال زيادة مقاعدها في البرلمان وتفعيل دور وزارة المرأة العراقية".
الشرق الأوسط، (ناشطات يحذرن من تصاعد معدلات جرائم "غسل العار" في مدن العراق)