إن تنفيذ المحكوم عليه للعقوبة المحكوم بها، أو نيله عفوًا خاصاً، أو سقوط عقوبته بالتقادم، لا يعني خلاصه نهائيا من آثار الحكم، بل تظل هذه الآثار عالقة به ويحرم بنتيجتها من العديد من الحقوق.
وإن صورة السجل العدلي للمواطن في سورية من الوثائق الأساسية التي تطلب منه حين التقدم للوظائف، أو الأعمال في الدولة، أو للحصول على رخصة، أو إجازة، أو منحة من الأجهزة الرسمية، وذلك للاطلاع على ما يطلق عليه "صحيفة السوابق" ومعرفة ما إذا كان المتقدم بالطلب محروماً من الحق الذي يريد الحصول عليه أم لا.
وهذا الوضع شاذ ولا يتفق مع منطق علاج الجاني وإصلاحه، لأن خروج المحكوم عليه من السجن إلى مجتمع يرفضه ويسد أبواب العيش في وجهه، سيزيده حقداً ويدفعه للعودة إلى طريق الجريمة.
وعلى ذلك فقد عمد المشرع السوري إلى تبني مؤسسة إعادة الاعتبار، لإنهاء الحالة التي يكون عليها المحكوم عليه بعد انقضاء عقوبته بالتنفيذ، أو بالعفو الخاص، أو بالتقادم، ومحو آثار الحكم بالإدانة محوا كاملا، وإعادة الحقوق السياسية والمدنية.
إن إعادة الاعتبار في التشريع السوري على نوعين: قضائية وقانونية
أما إعادة الاعتبار القضائية: فقد سميت بهذا الاسم لأنها من اختصاص القضاء، وتفترض عودة المحكوم عليه إلى الجهة القضائية المختصة لطلب إعادة اعتباره، ولهذه الجهة سلطة تقديرية في قبول الطلب أو رفضه. حيث لا بد من توافر خمسة شروط ليتمكن القضاء من قبول طلب المحكوم عليه بإعادة اعتباره وهي :
1- تنفيذ العقوبة أو انقضاؤها بالعفو الخاص أو بالتقادم.
2- مرور مدة زمنية معينة تسمى مدة التجربة على تنفيذ العقوبة أو العفو الخاص عنها أو سقوطها بالتقادم. ومدة التجربة هي سبع سنوات في الجناية وثلاث سنوات في الجنحة. وتبدأ هذه المدة من يوم الإفراج عن المحكوم عليه، أو صدور مرسوم العفو الخاص، أو سقوط عقوبته بالتقادم، أما إذا كانت العقوبة المقضي بها هي التجريد المدني فتجري مدة التجربة من اليوم الذي يصبح فيه الحكم مبرماً، وإذا كانت العقوبة المقضي بها هي الغرامة فتجري المدة منذ يوم الأداء أو انقضاء أجل الحبس المستبدل. وتضاعف مدة التجربة أي تصبح أربعة عشر عاما في الجناية وستة أعوام في الجنحة، إذا كان المحكوم عليه مكرراً أو سبق له أن منح إعادة الاعتبار.
3- عدم صدور حكم لاحق بحق المحكوم عليه يقضي بعقوبة جنائية أو جنحية.
4- وفاء الالتزامات المدنية المحكوم بها: والتي هي الرد والتعويض المدني ومصاريف الدعوى.
5- صلاح المحكوم عليه: وهذا الشرط هو محور فكرة إعادة الاعتبار، لأن حسن سلوك المحكوم عليه وصلاحه فعلاً ينفي مبرر الإبقاء على حكم الإدانة بكل آثاره الماسة بالحقوق و الاعتبار.
أما إعادة الاعتبار القانونية تعني أن يعاد الاعتبار إلى المحكوم عليه بقوة القانون دون حاجة إلى صدور حكم قضائي، ويعاب عليها أنها قد لاتتفق في بعض الحالات مع الواقع فلا يكون المحكوم عليه جديرا بإعادة اعتباره. أما شروطها فهي:
1- أن تكون العقوبة المحكوم بها جنحية مانعة أو مقيدة للحرية كالحبس والإقامة الجبرية، أو أن تكون العقوبة الجنحية هي الغرامة.
2- أن تمر سبع سنوات على تاريخ انقضاء العقوبة الجنحية المانعة أو المقيدة للحرية، وخمس سنوات على تاريخ أداء الغرامة الجنحية أو انتهاء مدة الحبس المستبدل بها.
3- ألا يكون المحكوم عليه بعقوبة جنحية مانعة أو مقيدة للحرية قد قضي عليه في خلال السبع سنوات المذكورة في الشرط السابق، بحكم آخر بالحبس أو بالإقامة الجبرية أو بعقوبة أشد، وإذا كانت العقوبة هي الغرامة الجنحية وجب ألا يقضى على المحكوم عليه في خلال الخمس سنوات المذكورة أيضا في الشرط السابق، بحكم آخر بالغرامة الجنحية أو بعقوبة أشد.