تدور كاميرا (كيم لونجينوتو) البريطانية، في أماكن مختلفة من الكاميرون لترصد قصصاً حقيقية من واقع تعيشه ملايين النساء والطفلات في عالمنا، فيه مزيج من ديانات مختلفة وعادات وتقاليد مختلفة أيضاً عن تلك الأديان التي يدينون بها،

 لتبرز من بين الألوان الزاهية للطبيعة والملابس، صورةَ واقعٍ رمادي في طقسٍ حار، نساء مضطهدات وطفلات مظلومات في ظروف قاسية أسيرات عادات وقوانين ومعارف خاطئة، ومن بينهن أيضاً نساء لم تستطع العادات والتقاليد أن تكبح جموحهن نحو الحرية والكرامة الإنسانية، ليناضلن رغم الظروف الصعبة والمستقبل المجهول، من أجل الحصول على حرياتهن، ترصد الكاميرا نضال مدعيتين للحق العام تسعيان بكل ما أوتيا من معرفة وجهد وإيمان وإنسانية لتحصيل حقوق نساء منطقتهن، فوضعتا نصب عينيهما أولا هدفهما في رصد الانتهاكات اليومية والدائمة لحقوق المرأة بدءا من الطفلة ذات الأعوام الستة التي تم الاعتداء عليها بالضرب بحجة تربيتها، مروراً بالمراهقة التي اغتصبت وهي لم تتجاوز العشر سنوات، وصولاً إلى أمهات وزوجات قررن اللاعودة إلى دائرة العنف التي وضعتهم فيها الظروف والبيئة والمجتمع.
تعبر الكاميرا الأزقة وتلتقي مع حياة السكان المحليين وطريقة معيشتهم التي اعتادوا عليها والتي لا تخلو من جهد عضلي وصعوبة في الوصول إلى أبسط الحاجيات، ليكون للمرأة النصيب الأكبر من ضنك العيش كما أغلب المجتمعات، وهنا كيف للمرأة التي قد تصبح في العراء أو منبوذة من مجتمعها وأهلها، أن ترفض وتصمد إلى آخر تلك الجولة، التي تؤكد إحدى المناضلتين أن أغلب النساء يقفن في وسط الطريق ويقررن العودة فتقول لطلابها في الجامعة:"ما أن تبدأ الأمور بالسير نحو تحقيق ما نريده في محاولاتنا لمعاقبة الأزواج الذين يسيئون لزوجاتهن حتى نرى المرأة وقد أتت مستكينة في منتصف الطريق، وهي تقول لا أريد الاستمرار لقد حلت الأمور..وأردفت القول لطلابها وطالباتها لا تضحكوا فمنكن من تفعل ذلك"
وهنا كانت أهمية نضال تلك الامرأتين المسلمتين (التركيز على كونهما مسلمتين جاء من المفاهيم الخاطئة التي وضعها رجال الدين في أذهان أفراد المجتمع من سلطة الرجل التأديبية و حقه في ممارسة الجنس مع زوجته متى يشاء ولو عنوة وما إلى ذلك) وكان نضالهما أعظم من نضال باقي النساء فهما لم ينصاعا وراء محاولات الضغط عليهما من الزوج والأهل والأقارب وتابعتا المسيرة إلى أن حصلتا على حقهما ومعاقبة الزوجين الذين انتهكا حقوقهما بالضرب والاغتصاب والطرد خارج المنزل، وتم أخيراً تطليقهما، وطبعا كانت هنالك اليد الحامية من قبل مدعيتا الحق العام اللتين كانتا المشجع لهما والداعم، مع توافر أماكن تأوي النساء المعنفات والتي تساهم في دعم تلك النسوة..
وفي مشاهد أخرى من مسيرة النضال تلك، كانت الطفلة ذات الأعوام الستة التي تعرضت للضرب القاسي، وكانت تلك الطفلة الأقوى في رفض هذا الظلم رغم صغر سنها وجهلها بحقوقها لكنها أدركت أنها تتعرض للعنف فكان أن وقفت بباب الكنيسة تأبى الرجوع إلى البيت لتظهر للجميع مدى العنف الذي تعرضت له، وكانت الأخوات بالقانون -كما يحلو للمخرجة ان تسمي المدافعات والمناصرات لحقوق المرأة والطفلة- النصير الأساسي لهذه الطفلة في معاقبة الفاعل والسعي للعيش في كنف أسرة أخرى تهتم بها وترعاه.
 أما المراهقة التي لم تتجاوز العاشرة من العمر والتي تعرضت إلى اغتصاب من جارها فكانت المثابرة للوصول إلى اعتراف الفاعل واثبات الوقائع لأخذ حق الفتاة في معاقبة مغتصبها بالسجن تسع سنوات..
الفيلم صرخة وألم يخرجان إلى العلن يكسران حاجز الصمت، ليصل من خلال  القانون والمؤمنين به إلى تغيير عقليات المجتمع، وتوعية المواطنين بحقوقهم.. أخرجته (كيم لونجينوتو) والتي اشتهرت بالأفلام التسجيلية ذات اللغة السينمائية الرائعة والتي تحاول دائماً الاقتراب من واقع المرأة والأطفال في مجتمعات مختلفة حول العالم..إنتاج 2007  .عرض من ضمن تظاهرة الأفلام الوثائقية 5 آذار في سينما الكندي دمشق 2011، وهو من الأفلام التي يجب أن يحتفظ بها كل من يهتم بقضايا المرأة والمجتمع لمدى أهميته في طريقة الطرح وواقعيته في طريقة التواصل مع ضحايا العنف والتعامل معهم..

---

رهادة عبدوش، (أخوات بالقانون.. فيلم يطلق الأصوات الرافضة إلى العلن)

خاص: مرصد نساء سورية

• السابق
• التالي